أعلن يوم الطفل العالمي في 20 نوفمبر من عام 1954، ويحتفي العالم بهذا اليوم كمناسبة يرتفع فيها مستوى الوعي بحقوق الأطفال، وحث المجتمعات على تحسين حياة الأطفال وضمان أمنهم.

وفي بلادنا نلمس المستوى العالي للجهود التي تبذلها جميع الجهات التي يتقاطع عملها مع جوانب الطفولة، سواء في التعليم أو الصحة أو الخدمات الاجتماعية.

ولكنني مع ذلك أعتقد أن خدمة الطفولة هو من أكثر المجالات تطلبا واحتياجا، ذلك أنه يتعلق بأكثر مراحل حياة الإنسان حساسية وأهمية، كما أن معطيات العصر متسارعة التغيير، تجعل عالم الأطفال منفتحا على كل شيء تقريبا، مما يخلق احتياجا اجتماعيا ملحا للمواكبة والفهم.

أحد أهم المجالات التي تتماس مع الطفولة هو المسار الثقافي بكل أشكاله، وهو مجال ما زال محتاجا لكثير من العمل. ليس لقلة المنتج الثقافي الموجود، بل لبساطة النوع مع انعدام القدرة على التوجيه والتركيز وسط التشتت الكبير المحيط بالأطفال.

أعتقد أن النوادي ومراكز الأحياء يمكن أن توفر نشاطات ثقافية ترفيهية تستقطب الأطفال مع أسرهم، في حال تهيئتها لذلك، مع تحفيز الأسرة لاصطحاب الطفل ودمجه في عمل ثقافي يغذي شغفه ويملأ وقته بشكل مفيد. الأمر الذي سينعكس على ذاكرة الطفل ويقدم له أوقاتا سعيدة.

كذلك ينبغي تشجيع العمل الثقافي المقدم للطفل بطرح مبادرات لتشجيع الكتاب والشعراء لتقديم أعمال مدروسة للأطفال بشكل عام، وللطفل السعودي بشكل خاص. قد تكون أعمالا تلفزيونية أو مسرحا أو موسيقى أو غيرها، فمثل هذه الأعمال من شأنها مساعدة الطفل على فهم الحياة واستيعابها بشكل أفضل.

من جهة أخرى أدعو لإعادة النظر في أوضاع الأمهات العاملات، فلا يمكن رعاية الطفل أو تثقيفه دون اهتمام بالأمهات وإيجاد طرق مساندة تضمن وجود وقضاء الأم وقتا أكثر مع أطفالها. مثل تنويع خيارات الإجازات المتعلقة بالأمومة، والسماح بساعات الرضاعة خلال اليوم، وكذلك توفير مرافق للحضانات في أماكن العمل، أو احتساب بدلات مالية للحاضنات، تصرف للأم العاملة حتى يكمل الطفل عامه الثالث.

ختاما.. يقال إننا نتعلم كل شيء تقريبا خلال السنوات السبع الأولى من العمر، وكل شيء بعد ذلك هو امتداد وتطوير لما تعلمناه وبناء يرتكز عليه. من هنا تكتسب الطفولة أهميتها كونها مرحلة اللقاء الأول مع العالم، تتشكل خلالها شخصية الإنسان وتتأطر نفسيته، ويتحدد طموحه ليكون عضوا فاعلا ومعطاء في مجتمعه.