يُكثِر «مدربوالحياة» هذه الأيام من طرح نظرية مفادها أن «طاقة الأنوثة» هي طاقة جذب وتلقٍ، بينما «طاقة الذكورة» هي طاقة فعل وحركة!، وبناء على ذلك فالمرأة يجب أن تقلل مبادراتها العاطفية ومشاركاتها المالية، وتنتقل إلى وضع الاستقبال لتتمكن من الاحتفاظ بزوجها وتحسين حياتها.. وهم لا يطرحون هذه الفكرة باعتبارها رأيًا أو وجهة نظر، بل يسوقون لنا ما يبدو أنه مقاييس علمية ودلالات إنثروبولوجية.

الإشكاليات في هذه النظرية كثيرة، ويمكننا أولا التساؤل حول أدوات البحث العلمي والدراسات التي تستند إليها هذه النظرية، كما يمكننا أن نلاحظ بوضوح وقوع الفكرة في معضلة تنميط العلاقات المعاصرة، ضاربين بعرض الحائط الاختلافات العميقة والكبيرة بين البشر، والتي تجعل من الصعوبة بمكان وضعهم على ذات المعايير.

من جهة أخرى فهذه الفكرة تهمل التطور البشري والخبرات التي مر بها الإنسان، فتركز على أن هذه هي الطبيعة الأصلية للبشر! حسنًا.. ماذا عن آلاف السنين من التطور الفكري والاجتماعي والاقتصادي؟ لا يبدو أنها مأخوذة في الحسبان هنا!.

وتشتغل هذه النظرية على طبيعة العلاقات الخاصة، فتشعر الرجل بأن عليه عبء إثبات رجولته ماليًا!، وأن على المرأة أن تمتنع عن تقديم أي دعم للعلاقة؛ لأنها بهذا تخسر رجلها الذي سيبحث وفقًا لهذه الفكرة عن امرأة ضعيفة سلبية في الحياة.

تهدم هذه الفكرة أيضا كل ما اكتسبته النساء خلال تاريخهن، وكل ما ناضلن لأجله من حقوق إنسانية طبيعية، كالمساواة والحق في الاكتساب والاستقلال المادي، وحرية الرأي وتقدير الذات، وتدعوها للتعامل مع الرجل وكأنه مخلوق غير ناضج يحتاج لبرمجته على أدوار البطولة الزائفة، وترسخ لدى المرأة شعورًا دائمًا بأنه يجب أن تكون لديها «خطة» جاهزة للحفاظ على رجلها!، بدلا من دعم تبادل مشاعر الحب والتعاطف والمساندة، كما ينبغي لشركاء الطريق أن يكونوا.

أشير هنا إلى أنني لست ضد إعطاء الرجل مكانته في إدارة الحياة وتوجيه العلاقة، لست ضد أن تحتفي المرأة بشكل طبيعي بما يقدمه لها الرجل من اهتمام ورعاية وذكريات، لكنني أقول إن يحدث كل هذا في سياقه التلقائي وبعيدًا عن تعميم التجارب على علاقة من طبيعتها التفرد، فكل ثنائي في الحياة هما بصمة خاصة لا تتكرر.