من أكثر المواقف فخرًا واعتزازًا لدى الفرد وجود وطن سباق في مواقفه الإنسانية والسياسية تجاه كل ما يحدث حاليًا وما حدث سابقًا وما يستجد لاحقًا من أحداث وكوارث على مستوى العالم. كان آخرها أحداث غزة وما حدث فيها من تمزيق وقتل وإهدار للدماء وللأرواح، مواقف ليست بالجديدة على دولتنا المعطاءة والتي لا مجال للمزايدات أو التشكيك فيها في زمن الإحصائيات والتوثيق المرئي والمصور.

يأتي بعد هذه المواقف المشرفة لوطننا الشامخ، دورنا كمواطنين بانتهاج نفس السياسة التي ينتهجها الوطن وتجنب الانسياق خلف المواقف الفردية التي تدعو إلى إثارة المزيد من العنصرية والكراهية، أو استغلال المكانة الوظيفية لتمرير أفكار متطرفة وترسيخ أيدولوجية عدائية تناقض مبادئ الاعتدال، إذ من غير المقبول والخطير في الوقت نفسه تمرير الأفكار الخاصة بالمعلم/ة سواء السياسية أو المتطرفة دينيًا للمتعلمين خاصةً لطلاب (مرحلة الطفولة المبكرة).

المدرسة لها دور محدد ترسم سياسته الدولة لا الأشخاص، وحينما رسمته راعت في مخرجاته أن يكون المتعلم مواطنا معتزا بقيمه الوطنية، ومنافسًا عالميًا، وليصبح مُواطنًا صالحًا مُدركًا لمسؤولياته تجاه الأسرة والمجتمع والوطن، لا كي يصبح مواطنًا متناقضًا ومشككًا ومهزوز الوطنية وممتلئًا حقدًا وكراهية.

المدرسة برأيي أنها المكان الذي يجب أن يبتعد عن ابتلاع الأفكار المتطرفة، وأن ينفض بذور تكوينها من على أرضه بين الحين والآخر، وأن تكون المدرسة البيئة التي تحتضن الطلاب بحب وسلام كوطن مصغر ينتمُون إليه وينمُون فيه ويشيدونه مستقبلًا.

إن مثل هذه الممارسات المنتشرة على مستوى العالم لا تعبر إلا عن حالة الكراهية والتطرف، وعدم القدرة على التعايش بحب وسلام للمعلم الذي يعتنقها، وحض الطلاب على الكراهية هو انتهاك صريح لقيم المدرسة والوطن في معركته ضد التطرف، وعبث فكري يؤثر في مستقبل الطالب. برأيي أن المواقف السياسية لها مصدرها الذي نرجع إليه، أما أبناؤنا الطلاب فمدارسهم هي مصدر تعليمهم لا تسيسهم، إلا لو كانت هذه السياسة مصدرًا لتعزيز وطنيتهم وسلامة أمنهم الفكري.