تجنح بعض الشركات لسبب أو لآخر إلى ارتكاب المخالفات التي تنص عليها أنظمة ولوائح الوزارات والهيئات عمدا وعن قصد. ولعل السبب في ذلك يعود لمفهوم عدم تناسب الغرامة مع الأرباح الصافية من مخالفة القوانين.

ذات مرة، في عالم الشركات العملاقة، ظهرت شركة تدعى Ethicorp كلاعب مهيمن في عالم الأدوية في أمريكا، وبدافع من الجشع الذي لا يشبع، ابتكر المسؤولون التنفيذيون في إثيكورب خطة ماكرة لتعظيم الأرباح، حتى لو كان ذلك يعني انتهاك القانون عن عمد. وقد اكتشفت الشركة ثغرة سمحت لها بتجاوز اللوائح البيئية، مما أدى إلى توفير الملايين من التكاليف التشغيلية. وعلى الرغم من إدراكها للغرامات والتداعيات القانونية المحتملة، فقد حسبت إيثيكورب أن العقوبات المالية كانت مجرد جزء صغير من الأرباح الفلكية التي كانت ستحققها. وقد اختار المسؤولون التنفيذيون، الذين أعمتهم شهوتهم للثروة، انتهاك القانون عمدا، متجاهلين العواقب الأخلاقية.

ومع ظهور المخطط الماكر لعامة الناس، حذر الناشطون البيئيون والمواطنون المعنيون بشأن خطط الشركة لكن الفريق القانوني القوي للشركة أبحر بمهارة عبر أي تحقيقات. واصلت إثيكورب ممارساتها الملوثة، حيث تسمم الهواء والماء دون أي اهتمام بالمجتمعات المتضررة. وصلت الغرامات في نهاية المطاف إلى شركة إيثيكورب لكن المديرين التنفيذيين ظلوا غير نادمين.

وكانوا ينظرون إلى تكلفة الغرامات على أنها مجرد إزعاج مقارنة بالأرباح الهائلة التي تم جنيها بالفعل. وقد امتدت المعارك القانونية التي تلت ذلك لفترة طويلة، مما خلق واجهة من المساءلة كقضية رأي عام بينما واصلت الشركة ممارساتها الضارة، ومع تزايد الوعي العام وكشف وسائل الإعلام عن تصرفات إيثيكورب، تلا ذلك موجة من الغضب، قاطع المستهلكون منتجات الشركة، والمساهمون.

وفي قصة أخرى مشابهة تتعلق بشركة الأدوية بوردو فارما، وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واجهت شركة بوردو تدقيقا قانونيا بسبب تسويقها القوي لمسكن الألم الذي يستلزم وصفة طبية أوكسيكونتين. اتهمت شركة بوردو فارما بالتقليل من أهمية طبيعة الأوكسيكونتين الإدمانية، مما أدى إلى انتشار سوء الاستخدام والإدمان. واصلت الشركة عن عمد تسويق الدواء بطريقة ساهمت في انتشار وباء المواد الأفيونية، حتى مع ظهور أدلة على آثاره الضارة. وفي عام 2007، اعترفت شركة بيردو وثلاثة من كبار مديريها التنفيذيين بالذنب في تهم جنائية تتعلق بسوء تسمية أوكسيكونتين بقصد الاحتيال والتضليل.

واتفقوا على دفع غرامات بقيمة 634.5 مليون دولار. جادل النقاد بأن الغرامات كانت صغيرة نسبيا مقارنة بالأرباح التي حققتها شركة بيردو من عقار أوكسيكونتين. تسلط هذه القضايا الضوء على موقف من الحياة الواقعية حيث واجهت الشركات عواقب قانونية لانتهاكها القانون عمدا، وإن كان ذلك مع مناقشات حول مدى كفاية العقوبات مقارنة بالمكاسب المالية.

لهذا أعتقد أن تفعيل فكرة الغرامات المتغيرة دون سقف حسب الأرباح التي تجنيها الشركات من المخالفات القانونية سياسة تشريعية ضرورية لتجنب الشركات التي تجد الغرامات قليلة مقارنة بالأرباح المجنية من مخالفة القانون.