أجد تسلية كبيرة في المقولات والأمثال الشعبية ويعجبني أكثر كيف تستخدم في تعليقات بعض الكتاب والمعلقين الأجانب وما شدني مؤخرًا تلك التي تخص قفز الكلب وهزة ذيله!

المعروف عن الكلاب أنها مثلت وعلى مر العصور صفات عظيمة كاليقظة والوفاء، والولاء والحماية والحب غير المشروط، وقد كان قديما دورها يتأرجح ما بين الصيد وحماية المنازل والأفراد، لكن اليوم أضيف إليها مهام أخرى مثل تقديم المساعدة والدعم للأشخاص ذوي الإعاقة، هذا عدا عن الكثير من الأدوار الأخرى في الجهات الرسمية مثل البحث وملاحقات للجناة والهاربين والمهربين... كل ذلك وهي تقفز وتهز ذيلها.

وبحسب دراسة ذكرتها قناة RT الإخبارية الروسية، فإن الكلاب تستخدم ذيولها في المقام الأول للتواصل ومكافحة الآفات، وليس للجري أو القفز.

تُستخدم حركة الذيل الإيجابية بشكل شائع كإشارة اجتماعية للود، بينما يُلاحظ أيضًا هز الذيل للقضاء على الآفات مثل الذباب. ويشير الباحثون إلى أن استخدام الذيل في الكلاب ربما تطور لهذه الأغراض المحددة، وليس من أجل خفة الحركة في المناورات. ووجدت دراسة أخرى أجرتها الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين أن ذيول الكلاب تميل إلى الاتجاه نحو اليمين عندما تكون مع شخص مألوف، لقد أظهرت الملاحظات على مدى ثلاثة أيام أن الكلاب تهز ذيولها بشكل متكرر إلى اليمين وأقل إلى اليسار بمجرد التعرف على شخص ما. ورجح الباحث الرئيسي، الدكتور «يونج كيو تشانج»، أن الهز إلى الجانب الأيمن يرتبط بمشاعر إيجابية تتم معالجتها في الجانب الأيسر من الدماغ، مما يشير إلى السعادة أو الاسترخاء، بينما قد يشير العكس إلى الخوف أو التوتر.... يمين، يسار؟! أليس لأحدِ من كتاب الغرب فكرة لاستخدام دسم لهذه النقطة عند التحدث مثلا، أقول مثلًا عن اليمين أو اليسار المتطرف؟! أنتظر منهم عنوانًا لمقالة «يهز هزًا»... يمين طمأنينة يسار خوف... مثلًا! أقول مثلًا!

قد تدفع حادثة في ولاية ألاباما البعض إلى إعادة النظر في المقولة التي تقول إن «الكلب هو أفضل صديق للإنسان»، حيث لعب الكلب «بو» دورًا حاسمًا في تقديم صاحبه إلى العدالة بمجرد أنه هز ذيله!

بدأت القصة بمداهمة الشرطة لمنزل مشتبه به يُدعى «هندرسون» الذي هرب ولحقه كلبه المخلص «بو» إلى منطقة حرجية خلف المنزل، لاحقه اثنان من رجال الشرطة، لكن «هندرسون» وكلبه تمكنا من الاختفاء بين الأشجار الكثيفة، وبينما كان يفكر رجلا الشرطة في الاستسلام والعودة إلى الوراء، لاحظا أن «بو» يقف أمام العشب الطويل، ويهز ذيله بفرح، قادهم هذا إلى اكتشاف «هندرسون» الذي كان مختبئًا هناك، وتم القبض عليه لاحقًا دون أي مشاكل أخرى. وبهذا ينسب الفضل إلى الكلب لمساعدة الشرطة في القبض على المشتبه به الذي واجه اتهامات تتعلق بحيازة المخدرات وعدم الامتثال للأوامر. وهنا نستطيع القول بأن ذيل الكلب أتى بأجل صاحبه! أي عندما يهتز الكيان المحتل يأتي بأجل صاحبه! مجرد فكرة لكاتبة رأي ليس لها خبرة في هذا المجال وعليه فإنه «مثلًا» أعيد وأكرر وأقول... مثلًا!

تشير عبارة «الذيل يهز الكلب» إلى مفهوم اختلاق قضية أقل أهمية لتحويل الانتباه عن مسألة أكبر وأكثر أهمية. وقد تجسدت هذه الفكرة في الفيلم الأمريكي «هز الكلب» (1997) للمخرج باري «ليفينسون»، والذي يحول هذه المقولة إلى صوت وصورة لإيضاح وإرسال الرسالة، حيث يطرح الفيلم السؤال عن سبب هز الكلب لذيله، مع الإشارة إلى الإجابة بأنه لو كان الذيل أذكى لكان هو الذي يتحكم في الكلب. وترمز هذه الإجابة إلى القدرة على التلاعب بالرأي العام من خلال خلق قضايا كاذبة لإخفاء الحقيقة أو صرف الانتباه عن أمور أكثر أهمية.

حقًا من الأذكى اليوم بعد اتضاح كل التلاعب والسبل التي تستخدم لنشره: الذي يصدر السردية الكاذبة أم الذي يصدقها؟!

يقول السيناتور «لودلام» من أستراليا: عندما تقول حكومة الولايات المتحدة اقفزوا، إذا كنا محظوظين، فإن لجنة الاستخبارات والأمن لدينا ستجري تحقيقًا سريعًا من الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول مدى الارتفاع. لكن حتمًا، نقفز! لا أظنه يعترف بوجود ذيل فهنا ربما يتحدث عن أن الذل والتبعية وليس الذيل الذي يهز الكلب!

بينما في مقالة لــــــ «أدريان ويلر» بعنوان «إسرائيل والولايات المتحدة - هل يهز الذيل الكلب؟» يقول فيها: يعزو عدد كبير من الكتب والمقالات في السنوات الأخيرة هذه العلاقة القاتلة إلى تأثير اللوبي الإسرائيلي الممول جيدًا والمنظم للغاية في الولايات المتحدة. ويزعم هؤلاء الكتاب أنه عندما تقول إسرائيل «اقفز»، تجيب الولايات المتحدة «إلى أي مدى؟» وهذا خطأ خطير. إن إسرائيل الصغيرة والمعزولة والتابعة لم تعد تملي إملاءاتها على العملاق الأمريكي الإمبريالي كما لم يعد ذيل الكلب يحركها. إن التأكيد على خلاف ذلك يغطي مسؤولية الولايات المتحدة عن الجرائم المرتكبة ضد فلسطين ويعوق النضال من أجل العدالة في الشرق الأوسط. وهنا يا سادة مربط الفرس ليست القضية ذيل وكلب بل ثورٌ هائج أفلته الفيل في مروجنا ليعبث فيها!

لقد رأينا مؤخرًا كيف أن جنود الكيان المحتل زرعوا أعلام «إسرائيل» في وسط المناطق السكنية التي سويت بالأرض، مما يشير إلى أن أهدافها في غزة تذهب إلى أبعد من مجرد تدمير حماس! لقد سمعنا وزراء كيان العدو المحتل وأعلامه من المدافعين يسخرون من هذا الرعب باسم «النكبة 2023» و«النكبة الثانية» و«النكبة النهائية»، بل ويقترحون إسقاط قنبلة نووية على غزة، بينما تناقش إداراتهم الرسمية خططًا لدفع سكان غزة إلى مدينة خيام في الصحراء المصرية في سيناء، ومع ذلك فإن الغرب وإعلامه الموجه ما زال يصف هذا الحصار الجائر والهجوم غير المقيد بأنه «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»! كم من الأرواح يجب أن تزهق قبل أن تتحرك الإنسانية بداخلهم؟! إن التاريخ، أو ما بقي منه ليُكتَب، لن ينظر بعين العطف إلى أولئك الذين أسهموا والذين دعموا في هذه الفظائع، سواء كانوا ذيولًا أو كانوا كلابا!