تحولت المزارع بمنطقة جازان إلى مهرجانات يومية مع قدوم موسم الخريف وعلى مساحات خضراء شاسعة، ومع إشراقة الصباح ينتشر العديد من الفلاحين لحماية السنابل من الطيور وطردها بالأناشيد والصياح والميضفة أو المقلاع وغيرها من الأمور المبتكرة، ولا تخلو تجمعاتهم المسائية من إعداد الشويط العذوق الطرية والمشوية على النار، بينما يحملون عذوق الخضير لإعدادها في منازلهم وإهداء جزء منها لجيرانهم، وبعد هجعة الطيور إلى أعشاشها إيذانًا بانتهاء فترة الحماية التي تمتد من الصباح الباكر وإلى غروب الشمس.

وأوضح أحد المهتمين بالزراعة علي مهارش لـ«الوطن» أن موسم الخريف الجميع ينتظر هذا الموسم المميز في جازان بل نحتفل ونحتفي به كأنه مهرجان الخريف ونرتب مواعيدنا من سفريات وغيرها كي لا تتوافق مع موسم الخريف والحصاد، وكما هو معلوم أنه وبعد حرث الأرض نقوم بتلمها بالبذور، وهذه من البدايات إلى أن يصل إلى مرحلة تكون السنابل ويبدأ العذق يطلع من السنبلة أو القصبة يلج العذق، وهنا يبدأ الصفو ثم الخريط، وبعد ذلك النجيب ثم الخضير، وإلى أن يصل للمرحلة الأخيرة استواء الحب، إما حب أحمر حمرية أو أبيض زيدية.

ليالي الشويط

ذكر مهارش أنه يوجد اختلاف بين عذوق الشويط وعذوق الخضير، يكمن الاختلاف بأن الشويط يقطف وحبوبه طرية ولينة بالماء بالمرة، فهي لا تطحن بل تؤكل مشوية على النار، وهذه كانت لها طقوس في الماضي تسمى ليالي الشويط، ويجتمع حولها أصحاب المزارع يجمعون عذوق خاصة بالشويط ثم يشعلون النار على زبير المزرعة أو المجران ثم يشوون العذوق، وبعدها يأكلونها، والبعض الآخر كان يعد الشويط من الصباح الباكر لكي يساعده في فترات حماية المزرعة من الطيور التي كان يقوم جميع أفراد الأسرة بحماية مزارعهم، وكانت تستخدم الأناشيد والأصوات بالصياح ثم ابتركت الميضفة المصنوعة من سعف النخيل والحبال وتطورت أكثر فأكثر.

طعم فريد

أما الخضير فتكون العذوق أو السنابل حيث تقطف ولونها أقرب للخضرة ومائله إلى الحمرة، وفي هذه المرحلة تكون حبات الذرة طرية وسهلة الطحن حيث تطحن بطريقة أسهل من طحن حبوب الذرة عندما تكون صلبة بطرق تعرفها النساء بالمنطقة، بحيث يستغرق فترة وجهدا أقل في عمليات طحنه، ويمتاز الخضير بنكهة مميزة وطعم فريد لا يمكن أن يجده المتذوق في الحبوب حال اكتمال نضجها.

مواسم الزراعة

قال إن الخضير من مواسم الزراعة وأهمها قبل استواء الذرة في جازان، وأما المزارع المنتجة للخضير كثيرة جدا ومنها مزارع مسلية، الحضن، قرية بيش، السلامة السفلى والعليا، العشة، العالية. وأشار إلى أن الخضير في ناس يقولون نخود والبعض يقول نخضر وآخرون نحش الخضير من المزرعة ثم يتم قطف عذوق الثمر، وبعد ذلك يضعونه في مهجان فرش من الخسف، وبعد ذلك يخبطونه بعود ويضرب حتى يطلع الحب من السنبلة، وبعدها يغسل بالماء ويتم طحنه في المطحنة رحى، وإلى ذلك يقومون بخبزه في الميفى التنور.

عدة أنواع

وبين أن مرحلة ما بعد إخراجه من الميفى يتحول إلى عدة أنواع منها الخضير مع الحسوة يعني يتحسى العيش مع حليب الإبل أو البقر أو الغنم، وأما النوع الثاني السهيب وكذلك هناك نوع الشويط وهذا يتم شي العذوق على النار في المزرعة وأما النوع الأهم فهي مرحلة الثريث وهذا الأكثر انتشارا بجازان، وهي فت العيش في الحيسية مع الحليب ويضاف عليه السمن، وفيه من يعمله مرسه وكذلك معكس والآن تطورت استخدامات الخضير وعملوا منه كيكة بالخضير وآيس كريم خضير، وكلها شفتها وشاهدتها بعيني ولم نعرفها في زماننا الفائت بل تطورت استخداماتها في هذه الأيام.