(1)

النقاش بحثًا عن «الحق»، لا بحثًا عن «الحلق»، لا يرتاب ذا لبٍّ، أنه من الأمور الأساسية، لحل المعضلات، وخلق الحلول، وإزالة العوائق، وتقرير الأفضل، بل إن «الخليقة» بدأت بنقاش، من «إني جاعل في الأرض خليفة» حتى «أولم تؤمن» مرورًا بـ«ما منعك أن تسجد».

(2)

كلا بل إن «النقاش» ركن في الحياة، وأول الممات، وهو بداية كل أمر، حتى «الوحيد» يناقش ذاته، واختلاف «النقاش» عن «الحوار» طفيف، إن اجتمعا افترقا، وإن افترقا اجتمعا، فالنقاش ينشد الحق، والحوار حديث بلا طلب أو خصومة، ولو آمن الناس بالحوار والنقاش لاستراح القاضي، وأمنت البيوت، وعمرت الأرض.

(3)

ولكن ثمة أمورا لا يليق النقاش فيها، ولا الحوار، بل ولا الجدال، ولا حتى مجرد الإجابة، يجيب العقلاءُ الباحثون عن «الحقيقة» عندما يدركون في وجوههم، وألسنتهم، بحثًا عن «حق»، ولكن من «الخطأ» إجابة «الضوضائيين» الباحثين عن «ذواتهم» و«الاعتراف بوجودهم» من خلال مناقشة الناس ومحاورتهم وجدالهم.

(4)

من إهدار الوقت والجهد والسخف قبول «الجدال» في الذات الإلهية، ثم الدين، ثم الوطن، ثم المبادئ الإنسانية المشتركة، والقيم المتعارف عليها، والثوابت الأساسية، الامتناع عن النقاش بحد ذاته: ردٌ مفحم.

(5)النقاش فضيلة..

والحوار إنسانية..

والجدال مرض!.

(6)

«الأقلية المريضة» تبحث عن ذاتها، ووجودها، والاعتراف بها من خلال الحوار، والنقاش، والجدال، لأن النقاش بحد ذاته يخدم «المشروعات الخبيثة الخطرة» ويمنحها الضوء، وثمة أفكار تبحث عن «نقاش» لتنتشر، لذا فالحصيف يدرك أن النار إذا أهملتها ترمد، وإن رمدت ذهبت أدراج الرياح هباءً منثورًا.

(7)

لا نقاش في المبادئ، ولا حوار في القيم، ولا جدال في الثوابت، وسبق أن طلب أحدهم مناقشتي في «الوجود الإلهي» فرفضت، فقال: أنا على وشك الإلحاد!، قلت: اذهب إلى الجحيم!.