اليوم وبعد قرابة 5 أعوام ذهبت لمساحة خصصت لجلسات السمر على ضوء النار، وهي فكرة ابتكارية بسيطة أوجدت حلا لرغبة اجتماعية بأن تذهب العائلات الصغيرة مع أطفالها، وتعيش أجواء الدفء على الحطب في أجواء آمنة داخل المدينة، مع وجود عدة أكشاك تقدم المشروبات الشتوية الساخنة وأنواعا بسيطة من المعمول والحلى المصنوع في منازل الأسر المنتجة. ومن الطبيعي أن ذلك المكان بفكرته ومن يقدم الخدمات فيه هم من مستفيدي برامج دعم الأسر المنتجة من بنك التنمية الاجتماعية، وهذا مثال متناهي الصغر ولا يكاد يذكر أمام العامة، ولكنه مثال عظيم ومتناهي الفخر إن تم أخذه على منهجيات قياس نجاح المشاريع التنموية الدولية كمنهجية SROI القائمة على كيفية إحداث التغيير عن طريق قياس الأثر الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، وتمثيله بقيم مالية واضحة لتمكين حساب نسبة التكلفة إلى المنفعة الـ ratio.
باختصار ودون «فذلكة» هي منهجيات لقياس العائد الاجتماعي على الاستثمار، فقد يكون هناك استثمار بأرقام مالية فلكية بمليارات الدولارات مثل استثمارات رجال الأعمال بـ (لاس فيجاس) بأمريكا في الملاهي الليلية، وكازينوهات القمار التي تدر عشرات الملايين من الدولارات ليليًا على قلة من الأشخاص فقط، بينما العائد الاجتماعي لتلك الاستثمارات على شباب وشابات تلك المدينة هو التشرد بعد خسران الأسرة والوظيفة والمنزل، وبالتالي استنزاف الأموال العامة لعلاج الإدمان؛ وإصلاح الخراب اليومي من قبل اللصوص للممتلكات العامة؛ وتكاليف تبني أطفال السفاح وغيره من أوجه استنزاف المال الذي كان مخصصًا للتنمية.
والعكس صحيح تمامًا فبمثل تلك الأفكار والمنهجيات العالمية التي يقوم بدراستها وتحليلها وقياس أثرها أبناء الوطن في بنك التنمية الاجتماعية كنتيجة طردية لاستثمار البنك منذ أكثر من 5 أعوام في رأس ماله البشري، بل لم يعد يقيس مورده البشري بالمال بل بعائده على جودة التنمية من حوله. ولكونه يمكن قياس أثر جودة برامج ومشاريع بنك التنمية الاجتماعية السعودي بمعايير قياس عالمية، فإن ارتفاع درجات ذلك القياس هو ارتفاع لدرجات تقرير التنمية العالمية السنوي، فمعنويًا ليس خطأً أن يقال (بنك التنمية الاجتماعية العالمية).