رياح مزعجة جافة تناثر معها الاحترام لمهنة الترجمة والمترجمين مارس من خلالها المستخدمون لشبكات التواصل الاجتماعي مهاراتهم في التنمر والسخرية من أشخاص ومجال صعب، وحساس، وراق، وشريف. هذه الصورة بدأت مع انطلاق بطولة كأس آسيا المقامة حاليا في قطر. بعد استبعاد مجموعة من اللاعبين عن القائمة التي ستمثل منتخب السعودية في البطولة.

اختلفت الأقوال والأحاديث بين اللاعبين والمدرب والإعلام في مجال يقتات على الإثارة. وعندما لم يجدوا إجابات مقنعة لما حدث تشبع فضولهم، وجدوا أمامهم فقط المترجم الذي نقل الحديث بين اللاعبين والمدرب. ثم أتت الحلقة الثانية من مسلسل السخرية لمترجم للقنوات الرياضية، واستمرت فترة التنمر والضحك وتنوعت أشكالها ما بين مقاطع فيديو وصوت ومنشورات متسلسلة تأخذ مكانها في شبكات التواصل.

في تواصلنا اليومي مع أشخاص يشاركوننا الأفكار واللغة وحتى الدم يحدث سوء الفهم ويزداد معدل سوء الفهم كلما كان التواصل كتابيا ثم أتت الصور التعبيرية والاختصارات لتعزز المعنى مع الكتابة، وبعدها وإن كان الصوت أفضل في التواصل من الكتابة فقط تخوننا نبرة الصوت. كل هذا التشويش على الفهم وهم أناس يشاركوننا نفس البيئة واللغة، كيف لو كانت اللغة مختلفة والترجمة المطلوبة ترجمة فورية لا تحتاج للتفكير لأكثر من ثواني معدودة لإيصال المعنى؟

أعتقد أن مهنة الترجمة قد تكون من أصعب المهن ومهنة حساسة جدا. كمترجم أنت تحتاج إلى معرفة عميقة باللغات المراد ترجمتها، فهي تتطلب فهمًا دقيقًا للثقافات والمفاهيم المختلفة. كمترجم، كذلك أنت ستحتاج إلى مهارات تحريرية قوية لتقديم الترجمة بطريقة سلسة ومفهومة. بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه تحديات في ترجمة المصطلحات الخاصة والتعبيرات غير القابلة للترجمة بشكل حرفي. فحرف واحد وطريقة نطق معينة وسياق كلامي كلها عناصر قد تغير المعنى بطريقة مخيفة. إذا ما حدث كان في مجال رياضي وسبب هذه المشكلة المعقدة، فكيف لو كانت في مجال آخر عسكري أثناء حرب أو سياسي أثناء مفاوضات أو اقتصادي أثناء اتخاذ قرارات مهمة والقائمة تطول.

فهي تتيح للأشخاص التواصل والتفاعل مع الثقافات المختلفة والتعبير عن الأفكار والمعلومات بطرق مختلفة. إذا كنت تجيد اللغات وتستمتع بالعمل مع الكلمات والتعبير، فقد تجد في مجال الترجمة فرصة رائعة للتطوير والنجاح. وبالطبع، مهمتك كمترجم ستكون مساعدة الآخرين على فهم بعضهم البعض بشكل أفضل، وهذا أمر رائع بالفعل!

في اعتقادي أن المترجمين هم أبطال حقيقيون! المجتهدون منهم والمحترفون. فلا ينبغي السخرية من المجتهدين والمحاولين وفي المقابل يجب على الجهات اختيار الجودة والكفاءة العالية للوصول لأعلى درجات الفهم بين الطرفين، فحياتنا تعج بالأزمات التي أساسها ونواتها الأولى هي «سوء الفهم».