نحن كبشر متفاعلون عاطفياً بالضرورة. مقابل كل فعل أو حدث أو خبر، تتكون لدينا ردود فعل، حتى الصمت أو عدم الاكتراث يصنف أيضا رد فعل. فمن الطبيعي تغيير مزاج وتصرفات الآخرين بناء على ما يردهم من أخبار أو أفعال من آخرين أو منّا نحن أيضا. لكن المعضلة تكمن في فهمنا لهذه التفاعلات وتوقيتها، وبالغالب نجهل أسبابها لسرعة حدوثها أو عدم منطقية توقيتها بالنسبة لنا.

كلنا نعيش في التاريخ نفسه لليوم والساعة والدقيقة؛ لكننا جميعا نختلف في أحداثه، حتى وإن كنا في الموقع نفسه من باب العمل أو الترفيه أو الصدفة، فنجد عند التواصل أن الآخر قد يكون في أسوأ أحواله، وبالتالي قد يتصرف بطريقة قاسية معك، لا ذنب لك فيها، ثم تمتعض. وقد يكون رد فعلك سلبيا لعدم أحقيته بمعاملتك بهذه الطريقة الجافة دون سبب منك. وهنا تتفاقم الإشكاليات وينشأ سوء الفهم، وتظهر العقد الشخصية، سوء الفهم هذا بين الطرفين المتفاعلين قد ينشأ عنه -في أسوأ- الأحوال- قطيعة، كره، إنهاء خدمات، فصل، رفض وامتهان شخصي صريح.

فما هي أفضل طريقة لمواجهة سلبية الآخر وتصرفاته القاسية غير المبررة؟

«الثبات الانفعالي» وما أدراكم ما هو الثبات الانفعالي، بشكل مبسط هو ضبط تفاعلك مع أي تصرف لا تقبله، ولأننا بشر؛ من المحتم أننا سنصدر رد فعل، لذلك يجب أن نختار «التجاهل» وعدم التفاعل، وكأن شيئا لم يكن، رد الفعل هذا «إشارة مؤدبة» للآخر بأنك لا تتعاطى مع هكذا أسلوب أو فعل، سيفهم أنك غير حاضر بطريقة التعامل هذه، وبالتالي تلقائيا وبشكل لا إرادي أنت تحكمت بما سيمليه عليه عقله بالطريقة التي يمكنه أن يجذب انتباهك وتفاعلك معه.

ليس الجميع لديه هذه المهارة، وهي تحتاج لمحاولات كثيرة جدا حتى تتقنها، ولكن سأعطيك طريقتي التي ساعدتني على إمكانية تطبيقها، وهي أن تتذكر أن هؤلاء مجرد أدوات عابرة في طريقك نحو أهدافك السامية، وعلى صعيد العلاقات الشخصية؛ تخيلهم كالأطفال، غير واعين لتصرفاتهم التي تعتبر طفولية لأنها غير منطقية ومبالغ بها.

أخيرا الثبات الانفعالي يفرض احترامك على الآخر جبراً، ويدفع الندم عنك باتجاه الآخر فيصيبه.