دائمًا ما يتباهى ويتبارى الصُنَّاع والزارعون بعرض أدق التفاصيل عن جودة منتجاتهم منذ المراحل الأولى حتى التسليم للمستهلك النهائي. بل ويتم إرفاق ما يسمى شهادات المنشأ بجانب الكتالوج، ورابط لموقع الشركة على شبكة الإنترنت، وما إلى ذلك من كافة المعلومات التي يرى المنتج أنها تعطيه ميزة تنافسية في السوق أمام المنتجين الآخرين.

هذا فيما يخص السلع الاستهلاكية أو المعمرة، ولكن ماذا عن منتجات الجامعات من العنصر البشري الغالي والنفيس؟ رأسمال البشري الذي لا يقارن بأي منتج أو سلعة، حيث يمثل الثروة الحقيقية للأمم، وتنعقد عليه الآمال.

تقدم كل جامعة منتجاتها سنويًا لسوق العمل، وتتنافس وتتباهى كل جامعة في الحصول على الجودة والاعتماد في أغلب تخصصاتها، وفي الحصول على تصنيفات متقدمة محليًا وإقليميًا ودوليًا. كل ذلك لكي تقدم خريجًا صالحًا لسوق العمل يساهم في كافة أوجه التنمية.

لا يمتلك أغلب أصحاب الأعمال الثقافة الأكاديمية عن البرامج الدراسية وآليات الالتحاق والدراسة والتخرج وطبيعة الدراسة ومستوى الخريج. فالحكم السريع على المتقدم للوظيفة من خلال المقابلة الشخصية التي يتراوح وقتها في الأغلب من دقائق معدودات إلى نصف ساعة على أقصى تقدير، ربما يعتريها بعض القصور وسوء التقدير، لأسباب كثيرة جدًا يطول شرحها، وتم تغطيتها في المراجع والكتب الخاصة بالمقابلات الشخصية. ودائمًا ما ينزعج أصحاب الأعمال من عدم ربط الدراسات الأكاديمية بالجامعات بالجانب العملي الوظيفي. بل ويتحدث الكثيرون منهم باستعلاء عن تقادم المناهج التي يتم تدريسها في الجامعات، وعدم وملاءمتها للواقع المتسارع، مما ينجم عنه خريج عاجز عن الحصول على فرصة عمل، أو حصل على فرصة لا ترضي طموحاته الاجتماعية. هذه الكلام ربما لا يخلو من مبالغات أصحاب الأعمال في محاولة لاستعراض البعض منهم لعضلاته المهنية في مواجهة الشهادة الأكاديمية ليثبت للمتقدم للوظيفة أن الأمر سيبدأ عند صاحب العمل فقط، محاولًا التقليل من شهادته ودراسته كنوع من عقدة النقص لدى البعض منهم.

من هنا جاءتني فكرة بسيطة للربط بين الجامعة وسوق العمل وذلك على النحو التالي:

أولًا: تدعيم وتزويد شهادات التخرج بـ QR كود يتضمن رابطا يحتوي على المقررات التي درسها الطالب ولغة الدراسة بكل مقرر، وتوصيفات المقررات الدراسية ومخرجات التعلم، وتقييم الطالب في كل مقرر درسه، وأسماء وبيانات التواصل مع من قاموا بالتدريس لكل مقرر من أعضاء هيئة التدريس. هذا من شأنه تعزيز فرصة الطالب في الحصول على فرصة عمل. ومن شأنه تعريف سوق العمل بما يتم تدريسه، واستقبال الاقتراحات التي من شأنها تطوير المناهج والبرامج الدراسية بالجامعة.

ثانيًا: إتاحة رابط إلكتروني على QR كود لأصحاب الأعمال لتعبئة استبيان خاص بالمناهج التي درسها الخريج، وكذلك كتابة تقرير وتوصيات عن الخريج والمناهج الدراسية في الحالات الآتية:

أ- عند رفض المتقدم لشغل الوظيفة.

ب- عند قبول الخريج للعمل تحت التدريب.

ج- عند تعيين الخريج بعد اجتياز فترة الاختبار (التعيين المؤقت) أو استبعاده بعد فترة التعيين المؤقت.

د- عند كتابة التقرير السنوي عن أداء الموظف ومعرفة ما إذا كانت المعارف التي اكتسبها ما زالت تتماشى أم تحتاج تحديثا.

وتكون تلك الإجراءات إجبارية لدى جهات العمل لاعتماد تعيين الموظف والتأمين عليه وتقييم أدائه السنوي.

هذا الربط يتطلب تنسيقًا بين وزارتي التعليم والتنمية البشرية لربط الحلقة وسد الفجوة بين الدراسات الأكاديمية وسوق العمل، لتحقيق تكامل يرفع من كفاءة المناهج والخريجين، بما يرفع من معدلات التنمية والتوظيف لخريجي الجامعات.