(1)

أزمنة متتالية و«البصل» يمر بـ«اكتئاب» حقيقي لا يشبه اكتئاب المراهقين «المتوهَم»، فاكتئاب «البصل» نابع من إحساس عميق شكلته النظرة الدونية من البشر و«أمثالهم» الشعبية، وهم الذين لا يمكنهم أبدا الاستغناء عنه، فمن «صام وافطر على بصل» وحتى «يا داخل بين البصلة وقشرتها ما بينوبك غير ريحتها» مرورا بـ«ما يسوى قشرة بصلة» و«بصل مهما وصل»، حتى قرر البصل أن يؤدب هذا العالم «المحروقة بصلته»!

(2)

هذا العالم غير جاهز مطلقا لأي أزمة، وأزمة البصل الأخيرة فضحت هذه الحقيقة، رغم أن الأزمة بدأت بواكيرها مطلع عام 2023، فقد دقت عدد من المستجدات ناقوس الخطر، مثل فيضانات «ماهاراشترا» في الهند (ثاني مصدر للبصل في العالم بعد الصين)، وفيضانات باكستان (ثامن العالم في تصدير البصل)، وموجات الصقيع التي أفسدت المخزون في آسيا الوسطى، والهجوم الروسي على أوكرانيا، وأزمة الفلبين، والجفاف شمال إفريقيا وأجزاء من أوروبا، في ظل تزايد عدد سكان العالم.

(3)

انتهت أزمة 2023 خلال أشهر ولم يهتم العالم، لتعود مرة أخرى خلال أشهر قليلة، ففي فبراير الجاري طبقت عدد من الدول حظرا مؤقتا لتصدير البصل لتلافي أزمات غذائية واقتصادية داخلية، لتقفز أسعار البصل إلى أرقام «خيالية»، ليفرض «الذهب الأحمر» وقاره واحترامه وذاته على العالم غير الجاهز، الذي لن يستغني عنه وعن أنزيمات و«حمض السلفينيك» الذي يتسبب بانهمار الدموع!

(4)

ولأن أزمة البصل باتت سنوية، وهي أزمة لا تطول، ولأن لكل أزمة طرائفها، فقد اقترح مصريون أن يكون ضمن المهر «فحلين بصل»، وفي الفلبين حملت العروس باقة البصل بدلا من الورد، وفي المغرب قالوا إنه يبكي النساء عند تقطيعه، ويبكي الرجال عند شرائه.