طالعتنا قناة العربية بلقاء مع زوجة البغدادي والتي أكدت فيه وجود حالات سبي تفعلها داعش ولذا سأتناول السبي برؤية مختلفة:

فالإسلام حينما أباح الرق لم يبحه رغبة في استعباد البشر وإنما هو أهون الحلول للتعامل مع أسرى الحرب قديمًا، فمن يُسترق - الاسترقاق هو اللفظ الدارج قديمًا أما القرآن فلم يذكره - هو المحارب من الرجال أو النساء الذي يحمل السلاح ويتواجد في جبهة المعركة ثم يؤسر بها، وليس من يقطن المساكن من الرجال أو النساء، فالهجوم على المساكن وأخذ النساء منها أو من الطرقات وسبيهن ليس من الشريعة في شيء ومحرم.

في الأزمنة السابقة كانت الحروب منتشرة وينتج عنها أسرى بالآلاف أو أكثر ولا يمكن قتلهم، فقتل الأسرى محرم إلا إذا كان مجرم حرب بعد أن يخضع لمحاكمة، ولا يمكن سجنهم فالسجون ذات المساحات الشاسعة الموجودة في زمننا غير معروفة لديهم ولا تستطيعها الدول آنذاك، ولا يمكن إطلاق سراحهم لاحتمال عودتهم الى القتال مرة أخرى، فلم يبق إلا إيواءهم بداخل مساكن المواطنين آنذاك أو الفداء بالمال، أو مبادلته بأسير آخر وهو ما يعرف بتبادل الأسرى، فهذا الإيواء قد يطول أمده لاحتمال أن حالة الحرب ما زالت قائمة، وأما في زمننا فالأسرى يودعون في أماكن مخصصة لهم ولا يُسترقون بحال. ولا أدل على كل هذا من أن القرآن استخدم كلمة تحرير بدلًا من عتق في كفارة الظهار والقتل الخطأ والحنث، والتحرير لا يكون إلا للأسير مما يدل على أنه أسير فقط وليس مخطوفًا.

ولا أدل على هذا من أن القرآن استخدم كلمة تحرير بدلًا من عتق في كفارة الظهار والقتل الخطأ والحنث، والتحرير لا يكون إلا للأسير مما يدل على أنه أسير فقط وليس مخطوفًا.

وأما أن القرآن أباح المعاشرة بين السيد ومن آواها «المسبية» فهذا لا يعني الاغتصاب، فالقرآن سمح بالمعاشرة برضاها التام ولم يسمح باغتصابها فالاغتصاب محرم للأضرار النفسية والجسدية التي يُلحقها بها.. وسبب الإباحة هو احتمال قيام حالة من الود بينهما وربما يشق عليهما الامتناع عن المعاشرة رغم تواجدهما في المنزل لفترة طويلة فهنا يمكنها المعاشرة.. وهذه أولى الحالات في المعاشرة الجنسية، والثانية أن يعتقها ويتزوجها هو أو غيره وهذا أفضل، والثالثة أن يتزوجها رقيق مثلها، والرابعة أن يتزوجها شخص حر فقير إذ أن الشارع أباح للفقير نكاح الأمة ولا يجوز للسيد منعها من الزواج كي تبقى عنده.. فهذه أربع حالات في المعاشرة تختار منها ما تشاء وإن لم ترد أيا منها فلها ذلك فالعملية منظّمة وليست بالأهواء، وأما كون ذلك غير جائز مع العبد وسيدته فلاحتمال الحمل ونسبة الطفل إلى شخص غريب. أما أن يعمد شخص إلى خطف النساء أو الرجال من الشوارع أو أخذهم من منازلهم واسترقاقهم وهم لم يحاربوا فهذا لا يمكن أن تأتي به الشريعة، ولو ظفر أحدهم برواية أو شيء من السيرة - إن وجد شيئا من ذلك صريحًا - يدعم ذلك فهو مردود بالمتن لأنه مصادم للعقل الصريح، ومعلوم أنه لا تعارض بين عقل صريح ونقل صحيح، وكذلك أسواق النخاسة وتحويل الشخص إلى سلعة يباع فكل هذا لم يرد في الشريعة، والبيع المستثنى هو نقل خدمة هذا الشخص لسيد آخر مع أخذ أتعابه التي أنفقها على هذا العبد طيلة بقائه معه، فهي أتعاب سيد لا قيمة سلعة كما صورها القدماء، وقد يكون العبد محتاجًا هو للانتقال وقد طلب ذلك من سيده.