تعالت أصوات الأهازيج والترحيب بالزوار من مباني جدة القديمة مع انطلاقة الموسم الرمضاني في جدة التاريخية.

وتستقبل جدة التاريخية زوارها من السعوديين والعرب والأجانب القادمين من دول مختلفة لزيارة جدة بأنشطة متنوعة، متيحة لهم الاطلاع عن قرب على تراث عريق حافظت عليه المملكة، وجندت كل الإمكانيات المتاحة لتطوير المنطقة التاريخية التي جعلتها نقطة جذب هامة للزوار الذين يطلعون على تراث جدة وعادات وتقاليد أهلها من خلال زيارتهم لهذه المنطقة.

مطور رئيسي

تشهد منطقة البلد في جدة أعمال ترميم وصيانة للبيوت التاريخية من قبل شركة تطوير البلد، وهي إحدى الشركات المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.

وتعد شركة تطوير البلد المطور الرئيس ومدير الأصول لإعادة إحياء منطقة جدة التاريخية، وتوفير تجربة أصيلة، وبناء مجتمع حيوي وإبداعي، ومركز اقتصادي ووجهة تاريخية وثقافية عالمية تستند إلى إرث جدة العريق وثقافتها المتنوعة.

وكانت شركة تطوير البلد قد تأسست امتدادًا لتوجيهات ولي العهد بتطوير منطقة جدة التاريخية.

وكشفت جولة لـ«الوطن» أن أعمال الترميم والصيانة للبيوت التاريخية تمضي بوتيرة عالية وتستمر على قدم وساق وسط أجواء المهرجان.

أنوار وأهازيج

تزامنت جولة «الوطن» على منطقة جدة التاريخية بانتشار الأنوار وأهازيج الترحيب من المنظمين، حيث تحتفل المنطقة هذا العام بعدد من الفعاليات التي تجذب آلاف السياح والمعتمرين والزوار، إلى جانب ما تتمتع به من معالم ومبانٍ أثرية وتراثية عريقة مثل قصر خزام وبيت نصيف، والتي تشارك جميعها هذا العام في «مهرجان الموسم الرمضاني» الذي يجمع بين الفن والثقافة والتعليم، في مزيج فريد يتناسب مع موقعها التراثي العالمي.

وتتميز المنطقة بأجواء روحانية ممتعة في شهر رمضان، إلى جانب عدد من التجارب السياحية الرائعة، وعدد من الخيارات التي تناسب الأطفال والشباب وكل أفراد العائلة.

بسطات تحت الرواشن

أوضح عبدالعزيز محمد، وهو مشارك في مهرجان الموسم الرمضاني لجدة التاريخية أن منطقة البلد تشهد كثيرًا من الفعاليات وتنتشر فيها أكشاك تقليدية، تُعرف باسم «البسطات» تتوزع تحت الرواشن المزخرفة والمشربيات العتيقة، وتباع فيها أكلات رمضانية وألعاب معاصرة وتقليدية متعددة وممتعة، كما يرتدي البائعون ملابس جدة التقليدية، ويتغنون بأغان من الموروث الشعبي لتعريف الزوار بالأكلات المحلية والطقوس القديمة.

وقال «يعمد كثير من هؤلاء الباعة لطبخ طعامهم وتقديمه في رمضان حسب ما يتناسب مع الشهر»، مشيرًا إلى أن «التجول وسط هذه الأجواء الشعبية وخيارات التسوق تظل تجربة لا تماثلها أي تجربة أخرى في جدة، إلى جانب المتاحف المنتشرة التي تلقى إقبالا كبيرا من الزوار، ومن بينها متحف الموسيقار طارق عبدالحكيم، ومعرض ترميم المساجد في باب جديد، ومعرض الطوابع والعملات في متحف الضيافة والعملات».

أهازيج وفرق شعبية

أشار فيصل الغامدي، وهو أحد زوار منطقة البلد إلى أن الموسم الرمضاني في منطقة جدة التاريخية مختلف هذا العام من ناحية التنظيم ومشاركة الفرق الشعبية التي تشارك في مقتطفات شعبية قديمة تجد إقبالا من زوار المنطقة إلى جانب عروض المشاركين بالملابس القديمة مثل السقا، وهي مهنة تعود إلى قرون مضت، حيث كان أهالي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذلك الحجاج والمعتمرون يعتمدون على جلب وتوزيع الماء من الآبار والعيون، من خلال «السقا» وهو الشخص المسؤول عن نقل المياه إلى المنازل لعدم وصول المياه إليها.

بسطات الأكل والمشروبات

تمتد في برحة القزاز في منطقة جدة التاريخية بسطات الكبدة والبليلة والبطاطا التي تعد من الوجبات الرئيسة للزوار في موسم رمضان في المنطقة التاريخية، حيث يعمد الباعة إلى تزيين عرباتهم بكلمات جاذبة للزبائن.

وأوضح بائع البليلة عماد طاهر أن سر إقبال الناس على البليلة في موسم رمضان يعود إلى ارتباطها بالذكريات، إذ اعتاد أهل الحجاز من الصغر على تناول البليلة في هذا الشهر، كما اعتادوا كذلك على بعض المشروبات مثل السوبيا والزبيب.

ويتنافس البائعون عن طريق ارتفاع أصوات الأهازيج على جذب الزبائن.

وأوضح طاهر «تشهد المنطقة التاريخية هذا العام إقبالا كبيرا من السياح الأجانب الذين يحرصون على تناول الوجبات الشهيرة في رمضان».

مواقع تاريخية للزوار

أشار المؤرخ التاريخي سالم صالح إلى أن الموسم الرمضاني في منطقة البلد يشهد تنوعا في العروض، حيث حرص المنظمون على تزيين المنطقة بالأنوار.

وتضم المنطقة التاريخية في جدة عدة مواقع تستقطب الزوار، منها مسجد الشافعي الذي يقع في حارة المظلوم داخل مدينة جدة التاريخية؛ ويقال إن منارته بنيت في القرن السابع الهجري الموافق للقرن الثالث عشر الميلادي، مع الإشارة إلى أن المسجد شهد أعمال ترميم وصيانة، ويفتح أبوابه أمام الزوار.

كذلك تضم مسجد عكاش الذي تأسس في سنة 1200 للهجرة، وبني على أرضية مرتفعة عن مستوى الشارع بخمسة أبواب صنعت من خشب الجوز القديم المميز بلونه البني المحروق. وتقام به حاليا الصلوات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وهناك لوحة معلقة على باب المسجد تشير إلى أن تاريخ تأسيسه يرجع إلى 1200 للهجرة، ولكن يرجّح أن تأسيس المسجد الفعلي كان قبل ذلك التاريخ المذكور، لأن الوثيقة التي سجل بها المسجد في السجلات العثمانية صدرت بتاريخ 1188 للهجرة.

وهناك كذلك مسجد المعمار الذي يقع في شارع العلوي غربا، وهو يبدو حتى وقتنا الحالي بحالة جيدة، وتقام فيه الصلاة وله أوقاف خاصة به، ويحتلّ المرتبة الثانية على خريطة المساجد التاريخية.

وهناك كذلك مسجد أبو عنبة، وهو عبارة عن زاوية، تقع على ارتفاع يقدر بنحو أربعة أمتار، وقد أصبح معلمًا بارزًا في تاريخ جدة.

بيوت شهيرة

تمتاز جدة التاريخية كذلك بجملة من البيوت الشهيرة التي حفظت تاريخها وماضيها العريق، ومنها بيت نصيف الذي يعد من أشهر هذه البيوت، وقد أنشئ قبل 145 عاما على مساحة 900 متر مربع، وقد سكنه الملك المؤسس، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.

وهناك من البيوت الشهيرة كذلك، بيت باعشن، وبيت المتبولي، وبيت سلوم، وبيت نور ولي، وبيت الشربتلي.

حركة مرورية

تسهيلًا لحركة الزوار تم تخصيص مواقف سيارات تتوزع في مختلف أرجاء منطقة جدة التاريخية «البلد»، وتمكن الزوار من استخدام عربات جولف ترددية لتسهيل وصولهم إلى معالم المنطقة ومواقع الأنشطة الثقافية والترفيهية. ويأتي ذلك في إطار سعي البرنامج للحفاظ على تراث المنطقة الثقافي والتاريخي، وتحسين تجربة الزوار.

نشاطات وفعاليات رمضانية في جدة التاريخية

ـ بسطات تحت الرواشن

ـ مأكولات رمضانية وألعاب معاصرة وتقليدية

ـ الباعة يرتدون ملابس أهل جدة التقليدية

ـ الباعة يتغنون بأغان من الموروث الشعبي

ـ فرق شعبية تقدم مقتطفات شعبية قديمة

ـ عروض تعريفية بمهن قديمة مثل السقا

ـ بسطات للكبدة والبليلة والبطاطا

ـ عربات جولف ترددية