فيما تغيب الأرقام الإحصائية لدى تطبيقات توصيل الطعام والتي ترصد عدد طلبات العزاب لوجبات الفطور والسحور خلال شهر رمضان، تحفل ذاكرة هؤلاء العزاب بكثير من القصص لمعاناتهم في تحضير تلك الوجبات، وإن كان كثير منها لا يخلو من الطرافة التي تجعل لصومهم بعيدًا عن أسرهم نتيجة لظروف دراستهم أو عملهم نكهة خاصة.

ذبحتنا بالكبسة

«يا أخي ذبحتنا بالكبسة» سمعها عبدالله الغامدي وهو يعد لوجبة الإفطار في رمضان.

يتذمر رفاق عبدالله، لتكراره نفس الوجبة يوميًا، لكنه لا يعرف أن يعد غيرها.

يقول عبدالله لـ«الوطن» «أتولى شراء مستلزمات تحضير وجبة الفطور بعدما كلفني الأصدقاء بإعدادها لهم، فيما تولى صديق آخر إعداد وجبة السحور».

ويكمل «تفنن الأصدقاء وطلبوا أن أعد لهم السمبوسة بدلًا من الكبسة، وقبل آذان المغرب وضعت الزيت في المقلاة وبعد الانتهاء من قلي السمبوسة، نسيت إطفاء النار، لكنني انتبهت لاحقًا إلى صرخات الأصدقاء تصيح أن هناك حريقًا في المطبخ، فقد اشتعل الزيت، واضطررنا لاستدعاء رجال الدفاع المدني الذين سيطروا ولله على الحريق».

وتابع «صدرت توجيهات الأصدقاء بمنعي من دخول المطبخ سواء لإعداد الفطور أو السحور».

وأكمل ضاحكًا «ألم تكن الكبسة أسهل وأكثر أمانا؟!».

بلا سحور

يشير قاسم جابر إلى أنه كعازب يفتقر إلى جلسات العائلة خلال رمضان، ويستذكر مواقف عدة حدثت له خلال الشهر، ويقول «أردت مرة أن أجهز كبسة للسحور، وبالفعل أعددت كل شيء، لكني لم أنتبه للوقت، وحين انتهيت ووضعت الكبسة على السفرة استعدادًا للسحور سمعت أذان الفجر، فنمت بلا سحور».

مكرونة محروقة

يروي سامر الأحمدي حكايته مع مجموعة من أصدقائه العزاب الذين يسكنون معًا في شقة واحدة، ويقول «لدينا زميل يسكن معنا ماهر في الطبخ، وقد وليناه زمام أمور الطبخ، ونحن نقوم بمساعدته في التقطيع والتقليم وتجهيز السلطات والأشياء البسيطة، وأحيانًا نلجأ إلى أمهاتنا أو أخواتنا لمساعدتنا في تحضير بعض الوصفات الصعبة».

ويتابع «لا يخلو الأمر من بعض الخلافات البسيطة في توزيع المهام، فكثير من الشباب غير معتاد على القيام بها عندما كان مع أسرته، ولكننا نتخطاها بروح الدعابة».

وأضاف «أصيب زميلنا الذي يتولى مهمة الطبخ بعارض صحي، فقررنا التناوب على إعداد الوجبات، وكان بيننا صديق يكره الطبخ كثيرًا، لكنه كان مضطرًا لأن يتولى المهمة حين حان دوره لإعداد وجبة الفطور، وقد قرر أن يطبخ لنا المكرونة، وحين حان وقت الإطار، فوجئنا أن مكرونته محروقة، فأفطرنا على التمر والماء».

نشتهي وجبة كاملة

يشتكي محمد القحطاني مما يصادفونه كعزاب خلال شهر رمضان، ويقول «زميلنا المكلف بالطبخ لم يقدم لنا طيلة الشهر وجبة واحدة متكاملة، مرة طبخ لنا الشوربة دون ملح ودون أن تنضج اللحمة، ومرة يكثر من البهارات والفلفل، ومرة تأخر بإعداد السحور فقدمه لنا مع أذان الفجر».

ويوضح «معاناتنا نحن العزاب لا توصف خلال شهر رمضان، ولذا وجدنا أخيرًا في أكل المطاعم حلا لا بد منه».

ارتفاع الأسعار

يشير ماهر حامد إلى أن اللجوء لأكل المطاعم ليس حلًا مناسبًا دائمًا، خصوصًا مع ارتفاع أسعار تلك الوجبات، وقال «بسبب عملي في جدة بعيدًا عن أسرتي التي تقيم في الرياض، اضطررت للاعتماد على نفسي بسبب ارتفاع أسعار التطبيقات التي توصل الطعام، وبعد المطاعم الجيدة عن مسكني، وصرت أقوم بتحضير الوجبات بنفسي، لكن مع كل وجبة تحدث لي كارثة».

ويضيف «في اليوم الرابع من رمضان احترقت الطبخة فأفطرت على التمر والماء، وفي الخامس منه اشتريت قدر ضغط ولأنني أستخدمه لأول مرة جهزت الكبسة للسحور، لكن لجهلي في استخدام القدر الذي يتطلب تنفيس البخار منه قبل فتح غطائه، قمت بفتح غطاء القدر دون تنفيس البخار من الصمام، فحدث انفجار قوي تسبب في حريق برقبتي ويديّ».

شعور بالعزلة

توضح الاستشارية الأسرية سميرة صالح أن حياة العزاب في شهر رمضان تفتقر إلى عدة أمور مثل الأسرة والأجواء العائلية، لذا يشعرون بالعزلة، وبأجواء مختلفة بعيدًا عما اعتادوه مع الأهل، كما يعانون في تحضير وجبات الإفطار والسحور، ويعانون مع المطاعم.

وتضيف «قد يعتمد العزاب على أنفسهم في إعداد وجبات الفطور في ظل غياب لمة الأسرة، وهذا يخفف من متعة العازب بالإفطار لا سيما إذا تناوله بمفرده، ولهذا نجدهم يحاولون التجمع في مجموعات من الأصدقاء، خصوصًا أن المشاركة تعد من السمات الأساسية في رمضان، ويعتقد هؤلاء أن تجمعهم يعوض بعض الحنين إلى الأهل والأسرة».