دائمًا ما يدهشنا أنه لا شيء يحرك المشاعر بمختلف أنواعه ودرجاته كالموسيقى. وهذه مسألة حيرت علماء الفلسفة لعشرات القرون حين أدركوا أن تأثير الموسيقى على روح الإنسان شاملًا وكاملًا بصرف النظر عن الاختلافات الثقافية والبعد الجغرافي. فالموسيقى هي أداة تستخدم لتعزي قلوبنا ونحن في قمة الحزن وتنعشنا بالطاقة الإيجابية في أوقات السعادة والفرح وتقربنا إلى من نحبهم. ويعود السبب في ذلك أن الموسيقى وسيلة للتواصل والتخاطب مع عواطفنا بلا حاجتنا إلى تعريف أو تفسير المعاني. فتأثيرها على الشخص البالغ لا يختلف كليا على الطفل الرضيع.

فالموسيقى في جميع مراحل سنين العمر جزء لا يتجزاء من حياة الإنسان فهي لا تقل أهمية عن الحركة واللغة. فهي وسيلة من وسائل الثقافة التي تقوي إحساس الفرد بالفرح والسكينة، بالإضافة عن ارتباطها بالوظائف البيولوجية المتخصصة بعشق الحياة والتمسك بالبقاء ومحاربة الخوف والقلق والعزلة لتكوين مجتمعات الإنسانية. ومن الحقائق على ذلك هي أن جميع أنواع الموسيقى البدائية والشعبية ذات الإيقاع المنتظم والذي ينبثق عنها أوتار الموسيقى العسكرية في أوقات الحروب والرقصات الجماعية في مواسم الحصاد والتزاوج.

هناك من يعترف أن للموسيقى تأثير عظيم علينا كأفراد فدعونا نتأمل إقبال الناس من جميع مراحل العمر على النوادي الرياضية التي تعتمد على إيقاع موسيقى المنتظم في شحذ الطاقة البشرية المطلوبة لممارسة الأيروبكس، أو إقبال المراهقين والشباب على أغاني الراب والبوب الصاخبة وما يصاحبهما من رقصات توقيعية محمومة أحيانًا. والعكس صحيح أحيانًا. فالموسيقى الهادئة ذو الطابع الكلاسيكي تبعث للإنسان الإسترخاء والسكينة والتخلص من القلق والتوتر وتخفيض مستويات هرمون الكورتيزول في الدم. ومن الحقائق على ذلك هو أن الأغاني الكلاسكية الهادئة التي تغنيها الأمهات الأطفال الرضع لكي تشجعهم وتساعدهم على النوم بهدوء وطمأنينة. وهناك بعض المستشفيات يوصي بها الأطباء بجعل المريض الذي يتأهب ويتخوف من خضوع عملية جراحية بأن يتعرض لموسيقى هادئة أثناء الجراحة لأن الموسيقى تخفف الألم.

منذ بواكير الطفولة بدأت قصتي مع حب الموسيقى فهي تعطيني الإحساس بالسعادة والخروج من جو الكآبة والحزن وتعرفيني إلى الحضارات الغربية المختلفة. أتذكر اليوم الذي استمعت فيه لموسيقى البوب الصاخبة حيث كنت أشاهد بالصدفة فيدوكليب لمايكل جاكسون وهو يرقص ببراعة مما أثار دهشتي وإعجابي. وإما أن بدأت فرقة باكستريت بويز بالغناء حتى شعرت بأنني خرجت من مرحلة وجدانية بلا رجعة. ووقعت في حب موسيقى البوب بأنواعها التي مازلت مستمرة.

الموسيقى تجمعنا في حلبة الرقص تنسينا كل همومنا وأحزاننا لساعات طويلة، فهي تغدي روح الإنسان بالفرح والسعادة التي سوف تمده بالطاقة الإيجابية. ففي الأعراس وحفلات التخرج تزدحم القاعات بالضجيج وإغراء المأكولات والحلويات التي حينما يشعر الإنسان بالضيق والرغبة في الهرب من مستنقع الأحزان تلتقط أذنه تلك صوت الميكرفون الصاخب.

الموسيقى تحاول أن تأخذك إلى عالم آخر مليئ بالحيوية والنشاط ليجعلك تنسجم مع أنغام الحياة، فهي تمدك بالطاقة الإيجابية التي تحتاجها لكي تصل إلى أعلى مستويات السعادة. عندما تستمع أذنك للموسيقي تجعلك تهدأ قليلا ولكي تسترخي عضلاتك في وقت ربما تكون متوترًا وقلقا للغاية.

معزوفات الموسيقى هي أداة لتحرك مشاعرك الداخلية وتكون جزء من علاج نفسي يساعدك على التخفيف من آلامك، أواتارها تعزف على مسامعك لكي تعلو إلى الإنسانية ورقي الأخلاق.

عندما أكون قلقًا أو متوترًا من شيء ما يزعجني أضع السماعات على أذني لكي أحاول نسيان الموضوع الذي يقلقني كثيرًا. وعندما أقود السيارة لا أستطيع أن أستغني عن الموسيقى فهي تشعرني بالهدوء والطمأنينة.