قبل الإنكار لا بد أن نتفق أن لا شيء مضمونا في هذه الحياة، محاولاتك قد تكون خجولة أو محاولات تحمل خطورة، هذا يعتمد على ما قررت المخاطرة به. حتى تكوين العلاقات الجديدة أو الحفاظ على ما هو قائم «جبراً كالعائلة» يعتبر مقامرة، نعم مقامرة. استحضر أي علاقة، وقل لي ماذا وضعت على الطاولة أمام الطرف الآخر لكسبها مجدداً بكمية أكبر، إذا أنكرت؛ أتفهم إنكارك الآن. جرب الآن بشكل عكسي، أريدك أن تقول لي ماذا خسرت في آخر علاقة لم تنجح؟

كنت دائماً أقول إن العلاقات أحد أشهر وأخطر أنواع «القمار»، رهانك على نجاحها مقامرة باحتياجاتك كـ: أمانك، أهدافك، نجاحك، عاطفتك، مالك، سمعتك، وقتك، فرصك، طاقتك... والقائمة تطول، ولست هنا لأعترض على هذا الواقع، إنما معترضة على أن الآخر لم يستوعب هذا الواقع، ولا أقولها من باب الوصاية، حقيقة لا يعنيني صلاح الآخر، لكن أن يكون السواد الأعظم لا يفهم ذلك، هذا يعني أني سأتضرر من جهل «اللاعب المقابل». إذا أردت المقامرة مع لاعب أراه جيداً؛ قد أواجه، وواجهت أمانة، جهله الذي يفقدني رغبة اللعب مرة أخرى، بطرق مختلفة:

أولاً: يضع على الطاولة كل ما هو ثمين وغير ثمين لديه، لعله يكسب أضعافه ويعوض ما ينقصه في الوقت الراهن، والسوء هنا أنه كشف أوراقه وهو في موقف ضعيف، والنتيجة خسارته غالباً، وبالتالي لا أحد مهتم باللعب مع «غبي» مثله!

ثانياً: إذا ربح؛ سيبحث عن لاعب أقوى ليعزز ثقته بزيادة حجم المخاطرة من دون تفكير، فيتوقف اللعب معه لأنه باحث عن هدف في غير مكانه!

ثالثاً: إذا خسر؛ ينكر قوانين اللعبة ويقلبها، فيعتبر كل ما قدمه لك وبرضاه من دون طلب منك هو «دين» وعليك سداده، وإن لم تفعل، سيتولى تشويهك بالحديث عنك كحد أدنى.

علينا أن نفهم هذا الواقع ونحترم قوانينه، متفقين أن لا شيء مضموناً في هذه الحياة، هذا يعني أنه يجب علينا الحرص فيما «نقامر» به، لا تضع على الطاولة ركائز حياتك في أولى المراحل على الأقل، ولا تعتقد أن اللعبة تستحق المغامرة لأن اللاعب الذي أمامك وضع ما هو ثمين، قد يكون لديه ما هو أثمن أنت لا تعلم عنه ويحاول إيهامك بقليله، أو قد يكون مجرد «غبي» فاز بفرصة اللعب معك.

أخيراً.. اعلم أن متعة المقامرة ليست في ما ستحصل عليه، متعتها في مستوى المخاطرة، وأنا هنا لا أتحدث عن القمار، إن كنت فهمت قصدي؛ التزم الصمت ولا تشاركه أحداً.