بالرغم من أن الاستثمار في مراكز التسوق (المجمعات، المولات) يبدو بمثابة المجازفة الخطرة في ظل التغيرات الاقتصادية، وتحول التسوق والتجارة من عمليات التسوق التقليدية إلى التسوق عن بعد، إضافة إلى التكاليف الباهظة لتشغيل تلك المجمعات والمراكز واستقطاب الكوادر للعمل فيها، فإن هذا القطاع يشهد طفرة غير مسبوقة تتمثل بالإقبال الشديد عليه كأحد أبرز أنواع الاستثمار في المملكة، فلا يكاد يمر شهر إلا ونسمع عن بناء مول أو مجمع أو مركز تجاري كبير جديد.

ورأى اختصاصيون في إدارة المشاريع والأعمال أن نجاح هذا النوع من الاستثمار من عدمه تحدده عوامل عدة، منها كفاءة وخبرة المستثمر، وكفاءة المول أو المجمع للعمل في كل الفصول، مع تنوع المتاجر التي يحتويها، والتصميم الجاذب، إلى جانب جملة من العوامل الأخرى المهمة مثل موقع المول، ومدى التنافسية التي يجدها في منطقته.

خبرة التشغيل

يرى نائب رئيس مجلس الأعمال في فرع غرفة الشرقية بالقطيف هشام آل سيف أن «العامل الأكبر لتميز هذه المشاريع والاستثمارات ونجاح العمل فيها يعود إلى قدرة المستثمر أو التاجر على تطويع خبراته وإمكانياته في تشغيل المولات وإدارتها بشكل جيد يتلاءم مع المتغيرات السوقية، بما يضمن له إقبالًا مناسبًا يتلاءم مع التحولات الجديدة».

ولفت إلى أن «أغلب المولات مالت إلى الطابع الترفيهي أكثر، مع توفر وتنوع المطاعم، الكافيهات، وكل ما يخص الترفيه من فعاليات ومهرجانات تقام في قلب هذه الاستثمارات ما يعني دمج الاسثمار التجاري بالتوجه الترفيهي».

واستدرك «لا يعني هذا الدمج ضمان نجاح المشروع، إذ يبقى الأمر رهنا لشطارة المستثمر أو التاجر وخبراته المتراكمة في تشغيل المولات، ودعم تلك الخبرة بعناصر نجاح أخرى مثل موقع الاستثمار وغيرها».

واستشهد إن موقع القطيف على سبيل المثال وارتفاع النسبة السكانية داخل المحافظة تجعل منها وجهة مناسبة جدًا لمثل هذا النوع من المشاريع وقد يصل بها للعالمية إذا ما تم استثمارها بالشكل الأنسب.

مكيف ومغلق

أوضح رئيس المنتدى الاقتصادي السابق سعيد الخباز أن المول هو مجمع أو مركز تجاري كبير مغلق ومجهز بأجهزة تكييف للتبريد والتدفئة، ما يسهم في إقبال الناس على هذه الأماكن، وكون هذه المولات مغلقة فإنها تكون مناسبة لكل الفصول، على خلاف المحال التجارية والأسواق العامة التي قد لا تلقى إقبالًا كبيرًا عليها أثناء وجود أي عوامل جوية مؤثرة.

وأضاف «تعد المولات عامل جذب كذلك لأنها تضم عددًا من المتاجر والأنشطة الترفيهية، وهذا من أهم أنواع الاستثمارات التي يضمنها تنوع واختلاف المحلات التجارية داخل المول بما فيها محلات البراندات العالمية».

ولفت إلى أن «التوسع في الاستثمار في المولات التجارية وانتشار المشاريع الاستثمارية من هذا النوع، والتي تطرحها الأمانات كفرص للمستثمر تفتح آفاقًا اقتصادية واسعة في المملكة، كما توفر عددًا من الفرص الوظيفية للشباب».

وجزم أن «مسألة نجاح الاستثمار من عدمه تخضع لعوامل عدة تفصيلية إذا ما تم الإلمام بها بشكل مميز فقد تشكل دعائم قوية لمشروع ناجح إن شاء الله».

تنافسية البقاء

أشار الخباز إلى احتمالية عدم نجاح المحلات التجارية داخل المجمعات مع وجود تنافسية البقاء وارتفاع الإيجارات التي باتت مرتفعة جدًا داخل المولات، خصوصًا مع التأثير الكبير الذي عكسه التسوق الافتراضي عبر مواقع التسوق الإلكترونية.

لكنه يستدرك «انتشار هذه الاستثمارات وتوسعها ووجودها في قلب المدن والمحافظات يرفع مستوى التنافس حتى على جانب تأجير المحال، وهذا يعد عنصرًا داعمًا لانتشارها أكثر فيما لا تحظى المشاريع الوحيدة في المنطقة بهذا التنافس وبالتالي تكون التكاليف الباهظة فيها أكبر».

التصميم الجاذب

عرج الخباز إلى عوامل النجاح الأخرى للاستثار بالمولات والمجمعات التجاربة الكبيرة، وقال إن «تصميم المشروع يلعب دورًا مهمًا في استقطاب وجذب مرتاديه، كأن يراعى التصميم وجود عدد كبيرة من مواقف السيارات، وكذلك قربها من المول، فكلما كانت أبعد عن المركز التجاري كلما كان إقبال الناس عليها أقل، حيث يرغب المتسوقون دائمًا بمراكز لديها مواقف واسعة وقريبة من المنشأة، خصوصًا في فترات الصيف الحارة».

كما رأى أن «توافر المطاعم والكافيهات وحتى الأماكن الترفيهية في مختلف طوابق المشروع أو المول تسهل حركة التسوق والترفية، يشكل عاملًا من عوامل نجاح المول، على عكس الحال حين تحصر كل المطاعم في طابق واحد فقط من المجمع ما يدفع مرتاديه إلى الذهاب إلى طابق المطاعم فقط، وبالتالي انخفاض مستوى المرور التسوقي والجولات في المجمع، وانخفاض مستوى الشراء».

إيجابيات وسلبيات

شدد الخباز على أهمية مراعاة بعض العوامل الرئيسة في الاستثمار في مراكز التسوق، ومن أبرزها وأهمها الموقع، فيجب أن يكون العقار في موقع حيوي وقريب من مراكز المواصلات والتسوق، مع وضع خطة عملية هادفة لمعرفة العائد الاستثماري وتحقيقه بالشكل المأمول.

وأردف «لكل استثمار إيجابيات وسلبيات، وهنالك عدد من المستثمرين المحنكين وذوي الخبرة اتجهوا للاستثمار في مشاريع البوليفارد والمولات، والمتوقع أنها إما أن توفر تدفقًا ثابتًا من الدخل، أو أن تكون مصدرًا كبيرًا للدخل السلبي بحسب إدارة المستثمر واستغلال الموارد والإمكانات العملية لتأسيس المشروع، فعلى جانب إيجابي توفر المولات كثيرًا من وسائل الراحة والخدمات التي تجعل الحياة أسهل وأكثر ملاءمة للسكان».

وتابع «قد نشهد زيادة قيمة هذه المولات مع مرور الوقت، مما يجعلها استثمارًا حكيمًا على المدى الطويل».

وعن الجاب السلبي في الاستثمار فيها، قال «لا بد من وجود بعض المخاطر المحتملة التي تصاحب الاستثمار في مراكز التسوق، وأحد هذه المخاطر ألا يكون الموقع مثاليًا، وقد لا يحصل المول على حركة المرور التي يحتاجها ليكون ناجحًا خصوصًا أن صناعة مراكز التسوق والمولات تخضع للتغييرات في أنماط الإنفاق الاستهلاكي، مما قد يؤثر على ربحية الاستثمار».

عوامل لنجاح البوليفارد والمول

ـ الموقع المناسب

ـ المواقف الواسعة والقريبة من المنشأة

ـ كفاءة وخبرة المستثمر التشغيلية

ـ القدرة على العمل في كل الفصول

ـ تنوع المتاجر التي يحتويها

ـ التصميم الجاذب

ـ دمج الأنشطة التجارية بالترفيهية

ـ مدى التنافسية التي يجدها في منطقته