هرعت بمجرد سماع حادثة القطار للتواصل مع أصدقائي الصحفيين والتأكد من عدم وجود أية حيوانات على متنه، وتأكدت "تحديداً" من خلو القطار من (القطط) و(الكلاب) و(الضبان) و(الجرابيع) حتى لا يعتقد وكيل وزارة الزراعة لشؤون الثروة الحيوانية أن هذا تدبير مفتعل، وتعنيف بحق "الحيوانات" فيغضب؛ ويلاحق السائق "المسكين" بغراماته المليونية!

عدت بعدها أفتش عن "المؤسسة العامة للخطوط الحديدية" والتي يشعرك اسمها أنك أمام شبكة لا منتهية من القطارات ليستقبلني في أول صفحة لموقعها الإلكتروني عبارة: "استمتع برحلة فاخرة ومريحة على متن العربات..."! تعوذت من الشيطان وأغلقت الموقع، ورحت أبحث عن إنجازات تخفف حدة ما أرى وأسمع، فوجدت أن القطار الجميل هو الوحيد من نوعه، ومع ذلك فقد تعرض لحادث قبل يومين من انقلابه، حيث اختار شاحنة ليصطدم بها بعد أن مل من الوحدة التي اختارته لسنوات.. لكني توقفت عند الإنجاز الأعظم المتمثل في أن "حوادث قطاراتنا هي الأقل في العالم" بحسب وزير النقل، وأرجوكم لا تسألوني عن مفردة (قطاراتنا)!

أزحت كل النوافذ الإلكترونية، وبدأت رحلة البحث والتحليل لنفسية صديقنا القطار المريض، فتوصلت إلى أنه غاضب مما يرى ويشعر ويمارس بحقه، ومن الوعود التي أوهموه بها منذ سنوات، فلا صداقات مشاركة له، ولا أعضاء ينتمون لحزبه، ولا يصرف له "بدل خطر" أو "بدل نائي".. طالب بالتجديد والتطوير فلم يلتفتوا له، وأعلن الغضب مبكراً ولم يعيروه الاهتمام، تحرش بـ"شاحنة" ليعلن التمرد فتجاهلوه، فلم يجد لغة للتعبير إلا أن قرر "الانتحار".. ثائراً على ذاته قبل غيره، ليأتي رئيس المؤسسة لاحقاً يبرر (كل هذا) في عشر دقائق مقتصاً منها خمسا لـ(تلميع) مؤسسته! ثم يقول: "معلومات الإعلام .. غير دقيقة"!

.. ما رأيك أن نجعل (السكك) متآمرة أيضاً يا سعادة الرئيس؟!