ثلاث سنوات تبدلت فيها حال (ع.س) من الرفاهية والنعيم كزوجة لمواطن ثري إلى الحاجة والعمل في الطبخ للأسر وتجميل السيدات في منازلهن لتحصل على قوت يومها. وبدأت مأساة (ع.س) بعد وفاة زوجها وعلمها بإسقاط شقيقه لاسمها من صك الوراثة بزعم أنها مطلقة قبل وفاة أخيه على غير الواقع، لتبدأ رحلة العذاب بين قاعات المحاكم طيلة السنوات الثلاثة الماضية، ورغم حصولها على حكم صادقت عليه محكمة التمييز بأحقيتها في ميراث زوجها، إلا أنها لم تستطع حتى الآن الحصول على نصيبها من الإرث نتيجة طول إجراءات التقاضي، ولتستمر مأساتها المادية حتى تصل إلى تهديدها بالطرد من السكن نتيجة عجزها عن دفع الإيجار، مع تجميد جميع ممتلكات زوجها وأرصدته في البنوك إلى أن يتم البت في القضية من قبل القضاء.

وقالت (ع.س) التي تحمل إقامة مدون بها "زوجة مواطن" لـ (الوطن): إن مشكلتها بدأت قبل 3 سنوات عقب وفاة زوجها، حيث سقط فجأة خلال زيارته للصيدلية الملاصقة للمنزل، وهرعت إليه هي وأخوها غير الشقيق الذي حضر بالصدفة لزيارتهم، ونقلاه الى المستشفى إلا أنه أسلم روحه لبارئها في اللحظة التي حضر أهله بمن فيهم أخوه. وتابعت: أثناء انتقال جميع أفراد العائلة للمدينة المنورة لدفن المتوفى تمكن أخوه أثناء العزاء من الاستحواذ على جميع مستلزمات المتوفى والأوراق الرسمية الموجودة في المنزل من عقود عقارات وسندات بقيمة خمسة ملايين ريال، وتقدمت بدعوى جنائية ضده ذكرت فيها ما حدث وطالبته برد الأوراق، إلا أنه رد باستخراج صك إرث أسقط فيه ذكرها ضمن الورثة، حيث قال للقاضي إني مطلقة من أخيه، فتوجهت للقاضي وقدمت إثباتاتي. وبعد الاطلاع على الأوراق أصدر القاضي حكمه وجاء في منطوقه (عدلت عن حكمي السابق في حصر ورثة المتوفي (ح.ر) حيث إن حكمي السابق كان بناء على شهادة المذكور وحكمت بانحصار ورثة المتوفي المذكور بعد وفاته في ورثته المذكورين بعاليه وفي زوجته (ع.س)، وصادقت محكمة التمييز على الحكم بعد قرابة العام.

وأضافت: تقدمت بدعوى ثانية طالبت فيها بإلزام خصمي بنصيبي من الإرث وقدره 625 ألف ريال، ثم ثالثة طالبت فيها بتعويضي عما أصابني من الأذى من إدعائه بأني مطلقة، وتعويضي عن مماطلاته في المحاكم الجزئية، إلا أن الجلسات القضائية المتباعدة في مواعيدها كان ينقصها دوماً عدم حضور الخصم أو اعتذاره أو حضور وكيله، ليدفع بالقضية إلى جلسة أخرى، لحين حضور الخصم، وذلك في الوقت الذي اتخذت فيه المحكمة عدة إجراءات تحاول فيها إجبار الخصم على الحضور، كإصدار عدة أوامر ضبط أو منع من السفر أو إيقاف خدمات.

وقالت أرملة المواطن إثر خروجها أمس من الجلسة القضائية التي عقدتها المحكمة الجزئية بجدة لاستلام ردها على خصمها، إن المحكمة قررت تحديد موعد جلسة جديد لإصدار الحكم النهائي ولكن بعد أربعة أشهر. وأشارات إلى أنها تعاني حياة قاسية بعد أن كانت منعمة لدى زوجها الثري، وعملت خلال ثلاث سنوات قضتها بلا معيل بعد وفاته، في الطبخ للأسر وفي تجميل الشعر، ولدى كل سيدة تحتاج خدمه، وفي نفس الوقت نفسه كانت تكافح لاسترجاع حقوقها، وأنها الآن تبحث عن فاعل خير يسدد إيجار البيت الذي يستلزم ثلاثة آلاف ريال كل أربعة أشهر قبل أن يلقى بها في الشارع.

ومن جهته أكد رئيس المحكمة العامة بجدة الشيخ إبراهيم القني إن الشرع لا يفرق بين المتقاضين، حتى إن كان الخصم أرملة أو مطلقة أو غيره، كل يأخذ حقه سواء المدعي أو المدعى عليه، وأوضح أن طول الفترة الزمنية التي يستلزمها إصدار الأحكام تختلف بحسب طبيعة القضايا وملابساتها وحيثياتها، كما أن نقص أعداد القضاة سبب رئيسي في طول فترة التقاضي، فمدينة كجدة مثلاً بها ما يقارب 4 ملايين نسمة، فيما يبلغ عدد القضاة 26 قاضياً. وأضاف الشيخ القني أنه لا شك أن هناك تأخيراً يحدث أحياناً في التقاضي، إلا أننا نود إنهاء القضايا والبت فيها بأسرع وقت ممكن سواء للأرامل والمطلقات أو غيرهن، ولكن مع دخول الحاسب الآلي تحسنت مواعيد الجلسات القضائية، ومصيرها إلى تحسن أفضل مع الوقت.