انقطعت عن الكتابة الأسبوعية هنا في الصحيفة لعدد من الظروف الصحية والاجتماعية والدراسية، وقد واجهت كرماً حاتمياً من أسرة التحرير هنا في "الوطن" أن قدرت كل ما مررت به، بدءا من ظروف انتقالي من المملكة العربية السعودية وطني العزيز وإقامتي في هولندا بسبب ظروف عمل زوجي المتمثلة في انتدابه للعمل في شركة أرامكو ما وراء البحار مروراً بالظروف الدراسية، وإنهاء متطلبات الحصول على درجة الماجستير في الإعلام والتي تكللت والحمد لله بالحصول على الامتياز عن رسالة (تأثير الصحافة المحلية على ثقافة الحوار في المجتمع السعودي) دراسة ميدانية على عينة من سكان مدينة الدمام.
هنا سأتعرض لجزء بسيط من نتائج هذه الدراسة والتي حصلت عليها من الجامعة الأهلية بالبحرين كلية الآداب والفنون قسم الإعلام والعلاقات العامة. ومن أهم ما هدف إليه البحث: التعرف على مستوى وعي واستيعاب المجتمع السعودي لثقافة الحوار وتنميتها، ومدى إسهام الصحف السعودية في نشر هذه الثقافة، كما هدف البحث إلى التعرف على أهم القضايا التي يعد من المحظور نقاشها في الصحف السعودية، وأهم القضايا التي يطرحها الكتاب السعوديون، وأكثرها إثارة للجدل، وأكثرها ارتفاعا لمعدل المبيعات للصحف، وأيضًا هدفت إلى التعرف على القضايا التي تعرضها الصحافة المحلية نتيجة لتوجهات السياسة الإعلامية، وتلك التي يحرص أفراد المجتمع السعودي على متابعتها في الصحف المحلية.. ولم تخل أهداف البحث من الفنون الصحفية التي تؤصل ثقافة الحوار في الصحف السعودية، وأكثر الصحف المحلية التي يقرؤها أفراد المجتمع السعودي، كما تعرضت لأكثر الكتاب إسهاماً في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي.
وكشفت الدراسة التي استخدمت فيها أداة المسح الاجتماعي، أن ما نسبته (33.5%) من عينة الدراسة قالوا إن "الصحف السعودية أسهمت في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي"، في حين قال ما نسبتهم (27.5%) من العينة إن "الصحف السعودية لم تسهم في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي". أما البقية فكانت رؤيتهم تندرج على خط الوسط إذ يرون أنه في بعض الأحيان وليس دائما.
وللإجابة عما إذا كانت الصحافة تعد من بين وسائل الإعلام المختلفة الداعمة والمؤثرة في ثقافة الحوار في المجتمع السعودي، فقد رأى (60.8%) أنها داعمة ومؤثرة، في المقابل فإن (15.3%) من العينة لا تعد الصحافة من بين وسائل الإعلام المختلفة الداعمة والمؤثرة في ثقافة الحوار. وحول كتاب المقالات، إن كانوا يسهمون في إثارة الحوار بين شرائح المجتمع من خلال مقالاتهم في الشأن السعودي فذكر (58.0%) أنهم يسهمون، ويختلف معهم (13.7%) إذ يرون أن كتاب المقالات لا يسهمون في إثارة الحوار.
وقد توصلت إلى جملة من الاستنتاجات من خلال الدراسة المسحية والميدانية من أهمها:
أن أكثر معوقات ثقافة الحوار انتشارا في الصحف السعودية تمثلت في: الخوف من العقوبات، العادات والتقاليد، قواعد وقوانين النشر الصادرة عن وزارة الإعلام، رؤساء التحرير ومقص الرقيب، وفي المرتبة الأخيرة: قلة الوعي بأهمية ثقافة الحوار.
إن أكثر القضايا إثارة للجدل في الصحف السعودية هي (القضايا الدينية) تلتها (القضايا الفكرية) وفي المرتبة الثالثة (القضايا السياسية) وفي المرتبة الرابعة (قضايا المرأة) وتأتي (القضايا الاجتماعية) في المرتبة الخامسة، وفي السادسة (القضايا التربوية) وفي المرتبة الأخيرة (القضايا الرياضية). وأكثر القضايا التي تركز عليها الصحف السعودية من أجل زيادة مبيعاتها القضايا الفكرية تليها الدينية، السياسية، الاجتماعية، التربوية، قضايا المرأة، القضايا التربوية، وأخيرًا: القضايا الرياضية.
إن أكثر القضايا التي يحرص على متابعتها أفراد المجتمع السعودي في الصحف المحلية تمثلت في القضايا الفكرية، تليها السياسية، الاجتماعية، قضايا المرأة، القضايا الدينية، والقضايا الرياضية في المرتبة الأخيرة، وأكثر الفنون الصحفية التي تدعم وتؤصل ثقافة الحوار في الصحف السعودية هي: التحقيقات الصحفية تليها اللقاءات الصحفية ثم مقالات الرأي، ثم الأخبار، ثم المقال الافتتاحي، أما أقل الفنون دعما لتأصيل ثقافة الحوار فكان التغطيات الصحفية.
وقد توصلت إلى جملة من التوصيات نعد من أهمها:
ـ العمل على إنشاء مواقع إلكترونية إخبارية سعودية تهتم بنشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع السعودي.
ـ زيادة اهتمام الصحف السعودية بالقضايا والموضوعات التي تؤصل لثقافة الحوار.
ـ ضرورة سعي الصحف السعودية لاستقطاب كتاب وصحفيين ذوي كتابات منوعة كوسيلة لنشر ثقافة الحوار بين القراء وبالتالي يتحقق إقبال القراء عليها.
ـ يجب أن تعمل الصحف السعودية على إتاحة مساحة أكبر لحرية الكلمة والتعبير بحيث يسهم ذلك إيجابًا في نشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع السعودي. وأن تعمل صفحات القراء في الصحف المحلية على زيادة حرية التعبير عن الرأي والنقاش الحر.
ـ ضرورة استخدام منابر المساجد لنشر ثقافة الحوار بين أفراد المجتمع السعودي، وذلك من خلال عقد ندوات ودورات توعوية لأئمة المساجد وحثهم على التركيز على توعية الناس بأهمية ثقافة الحوار.
ـ يجب على الصحافة السعودية زيادة تركيزها على قضايا المرأة وتناولها من مختلف جوانبها بما يتناسب وعادات وتقاليد المجتمع السعودي.
ـ ضرورة أن تركز الصحافة السعودية المحلية على تناول القضايا السياسية والقضايا الفكرية كونها أكثر القضايا التي يحرص أفراد المجتمع السعودي على متابعتها في الصحف المحلية.
ـ تخصيص صفحات في الصحف المحلية لمشاركة فئة الشباب باعتبارها أكثر الفئات اهتمامًا بثقافة الحوار.
ـ احترام كافة التوجهات الفكرية ومساواتها من حيث إتاحة حرية النشر في الصحف.
ـ الابتعاد عن تضخيم الأحداث الفردية وتعميمها على المجتمع السعودي.
ـ التركيز على نشر ثقافة الحوار من خلال المدرسة بالتركيز على هذه الثقافة في المناهج والإذاعة المدرسية.