يرى القاص والباحث خالد اليوسف بضرورة عقد جلسات مكاشفة ثقافية للوقوف على أسباب ضعف مستوى الإنتاج الثقافي لبعض الأندية الأدبية، مشيرا في حديثه إلى "الوطن" من وراء تجربة طويلة في الرصد والتوثيق والمتابعة إلى أن بعض تلك الإصدارات لا تخضع للتحكيم، وأن عددا منها تحسم مباشرة قبل أن تصل حتى إلى يد المحكمين، حيث ما زالت العلاقات الشخصية – بحسب قوله - هي المعيار في تلك المسألة.

وبعكس ما ذهب إليه خالد اليوسف يرى رئيس لجنة النشر والتأليف بنادي المدينة الأدبي الشاعر عيد الحجيلي أن مسألة الإنتاج الثقافي متباينة بين ناد وآخر من حيث المستوى، مؤكدا في السياق ذاته أن مشروع النشر المشترك مع عدد من دور النشر المعروفة بجودة إنتاجها ارتقى بمستوى إصدارات عدد من الأندية الأدبية، وانتفت معه مسألة التشجيع حيث غالبا ما يكون الإنتاج لمؤلفين يتميزون بجودة الإنتاج.

"الوطن" رصدت آراء عدد من المثقفين في هذه القضية التي دعت بعضهم إلى المطالبة بعقد ورش نقدية تعمل على تقييم الإنتاج الثقافي وفق معايير واضحة.

في البداية قال القاص خالد اليوسف: إنه بعكس ما يحدث لدى عدد من الناشرين الذين يهمهم جدا قيمة الكتاب في مسألة التسويق، إضافة إلى جودة الإنتاج، موضحا أن عددا يسيرا من الأندية الأدبية ينظر إلى قيمة الكتاب التسويقية، فيما تعتمد الأندية على أن موازنة طباعة الكتاب موجودة ومحددة لدى النادي، وهي حريصة جدا على الاستفادة منها، خصوصا وأنه يترتب على خروج ذلك النتاج الثقافي مكافآت للمحكمين والقائمين على النشر.

وانتقد عددا من مطبوعات الأندية مشيرا إلى أن الكثير منها لا يراهن عليه في السوق الثقافي، وأنه - بحسب دراسة حديثة له - لم يصدر في عام 2011 والذي يوشك على الانتهاء سوى رواية واحدة عن نادي الباحة، ورواية أخرى عن نادي المدينة الأدبي، وبعكس ذلك يلاحظ كثرة الإنتاج الشعري ما بين قراءة ونقد وقبل ذلك دواوين، وكأن سمت الأندية الأدبية هو النجدة والهبة لإنقاذ الشعر من تراجعه، وتلك مسألة ملاحظة بشكل كبير في حين أن المتراجع فعلا هو القصة القصيرة.

واقترح عددا من الحلول أحدها عقد جلسات مكاشفة حتى لو أصدر الكتاب كي تتم محاسبة المسؤول عن إخراج الكتاب بصورة ضعيفة، ذاهبا إلى أن موازنة الأندية الأدبية قادرة على أن تنتج مواد ثقافية مميزة إذا استطاعت الأندية توزيع موازنتها بشكل جيد، وقال: لسنا في صدد الكثرة، ويكفي إصدار واحد يخرج كل عام تشعر فيه بقوة التناول والطرح، وإذا كان لدينا 13 ناديا أدبيا، فيكفي أن يخرج من كل واحد منها كتاب مميز كل عام.

فيما يؤكد الشاعر عيد الحجيلي على أن مستوى الإنتاج الثقافي يختلف من ناد إلى آخر، وأن ذلك أمر طبيعي، وبعكس ما ذهب إليه خالد اليوسف من أن غياب مشاريع التحكيم أضعفت المنتج الثقافي يرى الحجيلي أن معظم الأندية الأدبية تخضع كتبها للجان تحكيم، وذلك وفقا للائحة الأندية الأدبية.

وقال: إنه ومن خلال إشرافه على لجنة النشر المشترك في نادي المدينة الأدبي، والتي قدمت عددا من الإصدارات فإن ذلك المشروع أدى إلى الارتقاء بمستوى الإصدارات الثقافية، خصوصا أن حكاية التشجيع التي تحرص عليها الأندية تنتفي في مشروع النشر المشترك.

وتحدث إلى "الوطن" رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي المنتخب أحمد آل مريع قائلا: اسمح لي، أنا لا أحب التعميم، ولا أرتاح إلى أحكامه، لأنها توصلنا دائما إلى نتائج مغلوطة، وتجد أن كثيرا من المقولات التي تشيع بين الناس سواء في المشهد الثقافي أو في غيره غير صحيحة، لكن لأننا لم نضعها تحت ضوء النقد والتأمل نجدها ذات سلطة تقترب من الحقائق، ولا يكشف وهنها إلا وضعها تحت مجهر النقد العادل، بما يسميه أحد كبار الفلاسفة المعاصرين بـ"مشكلة أورويل" نسبة إلى الروائي الإنجليزي "جورج أورويل"، إذ إننا لا نعرف إلاَّ شيئاً ضئيلاً عن بعض الأمور مع أنَّ الأدلة التي يمكن أن تعيننا على الفهم والمعرفة غنية جدًّا.

وأضاف: وصف إصدارات الأندية الأدبية بحكم واحد برغم تعدد المطبوعات وتعدد الأندية تعميم، ووصف جميع المطبوعات بالرداءة تعميم أيضا. الأندية الأدبية مؤسسات تسعى لتنمية الفعل الثقافي، المتنوع والمتعدد بطبيعته.. ومن ذلك إمداد الساحة بالنتاجات الفكرية والأدبية، ومن المتوقع أن الأندية مرتهنة لما يقدم لها، فستقدم ما يصل لها ويكون في مكنتها، وهي لا تستطيع كمؤسسات ولا كأفراد أن تطرح فوق ما يأتيها.

وأوضح أن على المؤسسات الثقافية أن تفيد من نتاج المبدعين الكبار وتقدمه من خلال قنواتها المختلفة نقدا وقراءة وتحليلا، بحيث تدعم الأديب والمبدع السعودي باستهلاك نتاجه ووضعه في حيز المقروئية المحترفة ضمن أنشطتها اليومية، وتتيح المناخ المناسب لتحقيق التفاعل الجيد بينها وبين شداة الأدب والمثقفين من رواد النادي خاصة والمجتمع بعامة.

وأردف: من خلال عملي في الأندية الأدبية ومراقبتها في مسيرتها، أجد أن التحكيم ليس كما يظن بعض المتحمسين أو المتشائمين مقصلة يقاس نجاحها بمقدار ما تحكم على الأعمال بالموت، مبينا أن التحكيم يد واعية، رفيقة عادلة تحاول تلمس نقاط القوة وتسمح لها بالنمو، وتستدرك العثرات وتوجه هنا وهناك.

أحد المثقفين – فضل عدم ذكر اسمه - تساءل: هل تتحمل وزارة الثقافة والإعلام جزءا من تدني مستوى الكتاب الثقافي الذي تصدره الأندية الأدبية، لأنها عادة ما تقوم على شراء جميع الإصدارات، وأضاف أنه يجب علينا أن نحدد كذلك ما هو مفهوم الدعم للنادي. فهل مطلوب من الأندية أن تنشر كل شيء يصل إليها؟