هذه الإشارات التاريخية تعزز فكرة أن سوق حباشة كان جزءً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي لمنطقة بارق في تلك الحقبة الزمنية.
الحاجة لإعادة البحث عن هذا الموقع أصبحت ملحة، وهو مايطالب به أهالي بارق كونه إرث تاريخي ارتبط بخير البشر صل الله عليه وسلم الذي تاجر فيه بأموال السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها قبل البعثة، ويتطلب البحث استخدام الدلائل الواقعية بدقة .
يمكن اتخاذ خطوة أولى في هذا الاتجاه من خلال استخدام تقنيات البحث الحديثة مثل المسح الجغرافي باستخدام الأقمار الصناعية، واستعادة الخرائط القديمة التي قد تشير إلى موقع السوق.
إن سبر غور هذا السوق ليس مجرد رحلة في التاريخ، بل هو ضرورة لفهم ملامح الحياة التجارية والثقافية التي كانت سائدة في تلك المرحلة.
هناك العديد من المؤشرات التي تدل على أن محافظة بارق هي الموقع الحقيقي لسوق حباشة. بارق، كما نعلم موقعها الجغرافي يعد ملتقى طرق هامة، وتقع في موقع استراتيجي على مفترق طرق رئيسة تربط بين العديد من المناطق الهامة في ذلك الوقت.
من أبرز هذه الطرق "طريق الجند"، الذي كان يعد أحد المسارات الحيوية التي تربط بين السواحل الغربية للمملكة واليمن ومناطق جنوب الجزيرة العربية.
نظرًا لموقع بارق الجغرافي الذي يتوسط مناطق استراتيجية، فإنها كانت مركزًا مهمًا للأنشطة التجارية. في تلك الحقبة، كانت القبائل تمر عبر هذه المنطقة في رحلاتها التجارية، ما يجعل من الطبيعي أن يكون سوق حباشة موجودًا في هذه المنطقة. كما أن بارق كانت تشهد حركة مرور كبيرة بين قبائل عدة، ما يعزز الفكرة بأن سوق حباشة كان يتيح فرصًا للتبادل التجاري والحوار الثقافي بين مختلف الفئات.
عند الرجوع إلى النصوص التاريخية القديمة، نجد أن عدة مؤرخين وصفوا موقع السوق بالقرب من مناطق بعينها في جنوب الجزيرة العربية. واحدة من هذه النصوص تشير إلى "الطرق التي تسلكها القوافل بين تهامة واليمن"، ما يؤكد أن الموقع الاستراتيجي لبارق كان مواتيًا لوجود سوق حباشة.
الخلاصة إذا نظرنا إلى الأدلة التاريخية التي تدعم فكرة أن سوق حباشة كان في محافظة بارق، نجد أن المؤشرات على هذا الاحتمال تزداد قوة مع كل خطوة نخطوها في البحث. من خلال ثقة الكاتب علي سعد الموسى في تأكيد المعلومة، ووجود العبارات التي وردت في كتب المؤرخين عن "ديار بارق"، إلى تحليل الموقع الجغرافي الاستراتيجي، تزداد قناعتنا بأن بارق هي فعلاً الموقع الصحيح لهذا المعلم التاريخي الكبير.
إن إعادة البحث والتقصي عن هذا الموقع قد يفتح لنا نوافذ جديدة لفهم تاريخنا بشكل أعمق، ويعيد إلى الذاكرة اهمية هذا السوق الذي كان يمثل قلبًا نابضًا للتجارة والحياة الاجتماعية في ذلك الزمان.