قالت لجنة تابعة للأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سورية أمس (الإثنين 201//11/28) إن قوات الجيش والأمن السوري ارتكبت جرائم ضد الإنسانية من بينها القتل والتعذيب والاغتصاب وأن حكومة الرئيس بشار الأسد تتحمل المسؤولية عن تلك الجرائم.

ودعت اللجنة التي قابلت 223 من الضحايا وشهود العيان من بينهم منشقو سورية إلى وقف "الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" والإفراج عن السجناء الذين احتجزوا في عمليات اعتقال جماعية والسماح لوسائل الإعلام وعمال المساعدات ومراقبي حقوق الإنسان بالدخول إلى البلاد.

وقالت اللجنة التي تتألف من 3 أعضاء في تقرير من 39 صفحه رفعته إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن سورية "مسؤولة عن أفعال غير مشروعة تشمل جرائم ضد الإنسانية ارتكبها أفراد من جيشها وقواتها الأمنية كما هو موثق في هذا التقرير".

وأضافت اللجنة أنها وثقت حالات إعدام خارج نطاق القضاء وتعذيب واغتصاب بما في ذلك حالات تعرض لها أطفال واعتقال تعسفي وخطف ارتكبتها القوات السورية التي تسحق مظاهرات المطالبة بالديمقراطية منذ مارس  متمتعة "بحصانة ممنهجة" من العقاب على جرائمها.

وقالت اللجنة التي يرأسها الخبير البرازيلي باولو بنيرو "ولذلك تعتقد اللجنة أن أوامر إطلاق النار على المدنيين وكذلك إساءة معاملتهم تنبع من سياسات وتوجيهات صدرت على أعلى مستويات القوات المسلحة والحكومة".

وتقول الأمم المتحدة أن أكثر من 3500 شخص قتلوا في أعمال العنف في حين يقول ناشطون إنه جرى اعتقال ما يصل إلى 30 ألف شخص احتجز كثير منهم في ملاعب مكشوفة.

ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اتخاذ إجراء ضد سورية بعد أن اعترضت الصين وروسيا باستخدام حق النقض (الفيتو) على قرار بهذا الشأن في أكتوبر.

وبعد انتقادات دولية متواصلة لأسلوب تعامل الأسد مع الأزمة وافقت الجامعة العربية أمس على فرض عقوبات على سورية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في تصريح بعد نشر تقرير الأمم المتحدة "يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك. من واجبه الآن أكثر من أي وقت مضى أن يضع حدا لمعاناة المدنيين".

وفي رد مكتوب ملحق بتقرير الأمم المتحدة قالت بعثة سورية لدى المنظمة الدولية إن سورية تعارض سياسات الاحتلال الأميركية وأنحت باللائمة في أعمال العنف على عمليات إرهابية يقوم بها مسلحون خارجون على القانون يروعون مواطنينا ويحاولون إثارة انقسام طائفي في البلاد ويحرضون على حرب اهلية.

ورفضت سورية استقبال محققين تابعين للأمم المتحدة قائلة إنها تحقق بنفسها. لكن تقرير الأمم المتحدة يشير بإصبع الاتهام صراحة إلى حكومة الأسد.

وقال التقرير "العدد الكبير للقتلى والجرحى في الجمهورية العربية السورية جاء نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن في كثير من المناطق".

ودعا التقرير إلى حماية الشعب السوري وفرض حظر دولي لمبيعات السلاح لسورية.

وقال إنه كانت هناك "حالات فردية" للعنف من قبل المتظاهرين لكن "غالبية المدنيين قتلوا خلال مظاهرات سلمية".

وأضاف التقرير أن القوات السورية استخدمت القناصة والدبابات لقمع الانتفاضة وأعدت "قوائم سوداء" بأسماء الأشخاص المطلوبين لدى السلطات ووزعتها على نقاط التفتيش.

وقال التقرير إن "منشقين عن الجيش وقوات الأمن أبلغوا اللجنة بأنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على المشاركين في المظاهرات السلمية دون إنذار مسبق".

وتابع أن بعض الجنود الذين رفضوا تنفيذ هذه الأوامر قتلوا بالرصاص على أيدي قوات الأمن أو قناصة الجيش.

واستطرد التقرير "تم توثيق عدد من الحالات التي نقل فيها جرحى إلى مستشفيات عسكرية حيث تعرضوا للضرب والتعذيب خلال استجوابهم وتعرض أطفال أيضا للتعذيب حتى الموت".

وقالت لجنة الأمم المتحدة إن قوات الجيش والأمن استخدمت أساليب للتعذيب من بينها الصدمات الكهربائية والتعذيب الجنسي واستخدمت هذه الأساليب في أغلب الحالات مع الرجال والصبية في الحجز "كأداة لبث الخوف في نفوسهم".

وقالت "تعرض المحتجزون أيضا للتعذيب النفسي بما في ذلك تهديدات جنسية ضدهم وضد عائلاتهم وإجبارهم على السجود للرئيس الأسد بدلا من الله".

كما دعت لجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أغسطس للتحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية الدول الأعضاء بالمجلس وعددها 47 دولة إلى تعيين مقرر خاص أو محقق بشأن سورية.

وقال دبلوماسيون ومصادر من الأمم المتحدة إن من المقرر أن يعقد مجلس حقوق الإنسان ومقره جنيف جلسة خاصة ثالثة بشأن سورية يوم الجمعة بناء على طلب من الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

وقالت جماعات ناشطة من بينها منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش المعنيتان بحقوق الإنسان في رسالة إلى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة الأسبوع الماضي أنه إذا وجدت لجنة التحقيق أنه تم ارتكاب جرائم منصوص عليها في القانون الدولي فعليها أن تدعو مجلس الأمن إلى إحالة الوضع في سورية إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.