ما هذا العواء وما ذلك الفحيح، أهو من قُبيل النصيحة أم على طريقة التشكيك في مفاهيمهم الاجتماعية. وقد زادت وتيرة مثل هؤلاء المهرجين، وكأنِّي أرى فهمهم لحُرِّية التعبير مغلوط وخلطهم المفاهيم بهذه الصورة الفجَّة التي ظاهرها الجهل وباطنها سوء النيٍّة.
مثل هذا الخلط في المفاهيم يخلق العديد من الفِتَن، فما يرونه حقَّا -هؤلاء المتطفلون في القول- رُبَّما يراه الآخرون باطلا، وما يرونه عدلا رُبما يراه الآخرون ظُلما، وما يرونهُ سرقة رُبما يراه الآخرون ذكاءً، وما يرونهُ طيبة ربّما يراه الآخرون ضعفا، وقِس على ذلك، فكلٌ حسب فهمه الأشياء يُحدِّد موقفه منها، ومثل هذا السلوك الذي بدأ يطل علينا بين الحين والآخر هو نوع من التنمُّر المعرفي. علينا أنْ نُدرك خُطورة هذهِ الثقافة العرجاء، وأنْ نحمي أنفسنا ومن حولنا من تشكيلها في واقعنا، والعمل بها دون منطق وفِكْر، وألا نخلق مكانا للتصادُم وزمانا للقطيعة، فالدين المُعاملة، وأن نكون قدوات في فن التعامل بعيدا عن المواجهات غير المحسوبة، والتجاذبات المُنفِّرة، والتحذيرات المشبوهة!!