وأن القيادة الحقيقية تسخّر النظام لتكريم المجتهدين، بدلًا من تسليطه كأداة للعقاب.
المسؤول المتكاسل هو أكبر عائق أمام تقدم العمل الحكومي. يتوارى خلف النظام ويختبئ في ظلاله ليُخفي ضعفه وقلة شجاعته.
يرى في النظام مجرد نصوص جامدة جاهزة للعقوبات والتخويف، بدلًا من أن يستخدمه منصة للابتكار والتطوير.
يتذرع بعدم وجود الصلاحيات ويبرر فشله بعبارات مكررة: «النظام لا يسمح»، «ليست لدي صلاحية»، وكأنه دمية تتحرك وفق ما تمليه الأوراق، لا قائد قادر على اتخاذ قرارات تخدم الوطن والمواطن.
على النقيض تمامًا، المسؤول والقائد لا ينتظر الصلاحيات بل يطلبها ويعمل على الحصول عليها من الجهات الأعلى لضمان مكافأة موظفيه وتحقيق مصالح العمل. هذا ما تعلمه المهندس عبدالله آل جالي من مدرسة الأمير تركي بن طلال في الإدارة. مدرسة تحترم النظام ولكن لا تتوقف عند حدوده إذا كان ذلك يعطل الإنجاز.
النظام الذي وُضع في المملكة صاغه رجال من خيرة أبناء الوطن وأهل الثقة، نظام كريم ومتوازن يراعي التدرج في العقوبات والجانب الإنساني في التعامل، سواء في معالجة الأخطاء أو في تشجيع التميز وتحفيز الأداء.
المسؤول الحقيقي هو من يفهم أن النظام وسيلة للتطوير لا قيد للتعطيل. القيادة ليست لقبًا يُزين بطاقة العمل، بل شجاعة وجرأة في اتخاذ القرارات وحرص على دعم المتميزين وحل المشكلات. وأن اللفتات الإنسانية تؤكد أن القيادة الناجحة تسخّر النظام لخدمة الإنسان.
ومحمد البناوي بات مثالًا يحتذى به في العمل الحكومي رغم كل التحديات، وقرار تكريمه رسالة واضحة لكل مسؤول بأن الشجاعة في العمل والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة هما مفتاح النجاح وتحقيق رؤية المملكة 2030.
أنا شخصيًا أحب التعامل مع المسؤول الناجح، وأعجب بكل قائد يدرك أن القيادة ليست مسمى عريضًا ولقبًا فارغًا أو مكتبًا فاخرًا وسكرتارية، بل هي إنجاز وحماية ودعم لموظفيه. حماية حقوقهم وتحفيزهم ماليًا ومعنويًا ليست ترفًا، بل ضرورة لتحقيق أهداف العمل الوطني. لو كانت الإجراءات تعمل فقط حسب النظام المجرد، لتم إلغاء مسمى القائد أو المدير، ولأصبحت الإنجازات مستحيلة والمنظومة الإدارية في دائرة مفرغة.
المسؤول النشيط هو بوابة الحلول، وليس وضع العراقيل. النظام في المملكة يتيح حلولًا سريعة وسهلة، ويعزز من سرعة الإنجاز، ومن خلاله يمكن الوصول إلى التميز. أما المسؤول الفاشل، فيحول النظام إلى سجن للمسؤوليات ويشوه صورته باستخدامه كأداة لتجميد العمل وتحقيق الفشل.
المسؤول الكريم مع زملائه يجني حبهم ويخلق بيئة عمل صحية ومنتجة، حيث يسود الاحترام المتبادل والتقدير. هذه البيئة ترفع من مستوى الأداء وتزيد من الإنجازات، لأن المحبة والاحترام اللذين يولدان من الأفعال الإيجابية تنعكسان بشكل مباشر على نجاح المنظومة.
المسؤول الذي يدعم موظفيه، يتجاوز إخفاقاتهم، ويشجع نجاحاتهم، يصنع ولاءً حقيقيًا لا يمكن فرضه بالقوة أو التعليمات. أما من يتجاهل حقوق الموظفين ويتعامل معهم باستعلاء أو الفوقية، فهو لا يجبرهم إلا على احترامه وفق النظام، لا أكثر. هؤلاء الموظفون ليسوا ملزمين بمحبة مديرهم أو التودد إليه فالمسؤول ليس أحد والديهم لتفرض عليهم مشاعر الولاء والعرفان.
الناس جبلوا على العرفان لمن يصنع لهم المعروف. إذا زرعت الشوك في تعاملاتك، فلا تتوقع أن تحصد الورد. القادة الحقيقيون يبنون مكانتهم من خلال دعمهم لمن يعملون معهم، وليس من خلال فرض الهيبة أو التسلط.
النظام هو مصدر قوة إذا تم استخدامه بالشكل الصحيح. المسؤول الذي يغفل عن التسهيل والإبداع، ويجعل النظام مجرد حواجز، هو المسؤول العجوز هو الذي يخلق بيئة من الكراهية والفشل في العمل، ويُشوه سمعة النظام نفسه.