هكذا جاء صوت المملكة معطياً ثقله المعهود انحيازاً للشعب الفلسطيني الشقيق ولحقوقه المشروعة في أرضه. فمن خلال بيان وزارة الخارجية الذي أعلن تثمين المملكة لما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، أعطى البيان قوة إضافية لتلك المواقف الجماعية المؤكدة على مركزية القضية الفلسطينية، وأنها ليست أمراً عابراً يمكن اختراقه أو تجاوزه.

البيان لم يقف فقط على التثمين والتقدير لمواقف الأشقاء، بل أشار وبلهجة حازمة إلى الرفض السعودي القاطع لهذا النوع من التصريحات الهادفة لصرف الأنظار عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين، معيداً إلى الذاكرة ذلك الصلف الذي مارسته الأفكار المتطرفة في إسرائيل، والذي كان نتاجه امتناع إسرائيل عن قبول السلام، فظلت رافضة للتعايش السلمي، ومعاندة لكل مبادرات السلام التي تبنتها الدول العربية، كما استمرت في ممارسة الظلم بشكل ممنهج تجاه الشعب الفلسطيني لمدة تزيد على 75 عاماً، غير آبهة بالحقوق المرعية دولياً في هذا الشأن.

لقد استمر الانحياز السعودي الكامل لحقوق الشعب الفلسطيني ولعدالة قضيته منهجاً لم تحِد عنه المملكة على مر السنوات، وتم ترجمته بالمواقف الدبلوماسية والسياسية وبالمبادرات الداعمة للأشقاء الفلسطينيين ضد كل المظالم التي عانوا منها. كما أن المملكة انتهجت المواقف الرصينة التي تقود لسلام دائم في المنطقة، فالقضية الفلسطينية هي إحدى البؤر الرئيسية المهددة لاستقرار المنطقة بأجمعها إذا لم تجد الحلول المناسبة التي تعيد الحقوق لأهلها، ولذلك تبنت المواقف المنطقية التي تضمن الأمن والاستقرار للجميع، وقادت الموقف العربي ليصبح صوتاً جماعياً متفهماً ومنادياً بالعيش والسلام والأمان للجميع في المنطقة.


إن مثل هذه المواقف هي منهج سعودي راسخ، يستشف الحق والعدل والإنصاف فينتهج مسالكه، ويتتبع خطاه، فكيف إذا كانت هذه الحقوق لأشقاء، عانوا الظلم والقهر، وسلبت حقوقهم في الأمن والاستقرار والعيش بكرامة على أرضهم على مدى عقود طويلة من الزمن؟

لقد جاء البيان السعودي ليؤكد الحقيقة الناصعة، وهي أن قضية الشعب الفلسطيني ليست أمراً عابراً يمكن أن تعالجه تصريحات خرقاء، وليست حقوقاً يمكن تجاوزها بمرور الزمن، بل هي جذوة ستكون متقدة على مدى الأجيال، وستكون حريقاً مستمراً إذا لم يتم تداركه بالحكمة وإعادة الحقوق كاملة غير منقوصة لأصحابها الشرعيين.

سيبقى حق الشعب الفلسطيني الشقيق -كما جاء في البيان- راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، ولن يتحقق السلام الدائم إلا بالعودة إلى منطق العقل والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.

وهكذا جاء بيان الخارجية السعودية ليؤكد مجدداً أن المملكة ستظل كعهدها راية عالية وخفاقة دفاعاً عن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وسنداً قوياً لهذه القضية التي طال أمدها ودفع الأشقاء وكل المنطقة الأثمان الباهظة رداً لإفرازاتها السالبة وانحيازاً للحقوق المرعية للأشقاء.