مع انتشار فكرة الجمال والهوس بعمليات التجميل وحب الوصول إلى الأفضل، حيث يعد النجاح لدى الكثيرين أن يسمع عبارة أنت أجمل شخص رأيته، أو أن تسأل سيدة صديقتها المتزوجة: كيف استطعتِ أن تحافظي على قامتك الرشيقة مع أنك متزوجة وأم لطفلين؟

هذا الهوس بالمظاهر أنتج لنا مشكلة بين الحليب الطبيعي للأم والحليب الاصطناعي، والصراع لا يزال قائمًا بل ويزداد يومًا بعد يوم، بل إننا انتقلنا من مرحلة اختيار الأم أيهما أفضل وأنسب لطفلها إلى مرحلة الاختيار أيهما أنسب وأسهل على الأم.. إضافة إلى كلام الناس من حولها وفرضهم عليها في بعض الأحيان التخلي عن فكرة حليب الأم بشكل نهائي.

هنا علينا أن نقول كلمة حق، لا يوجد جسم أو أي شيء يمر بمراحل مختلفة وتجارب متنوعة ويبقى على حاله: المعادن، الطبيعة، الزرع، وكذلك الجسم وبصفة خاصة هنا نحدد جسم المرأة.


ولأن المرأة بفطرتها تميل إلى الحنان والأمومة، فمن الطبيعي أن تختار راحة ابنها ومصلحته ولو على حساب صحتها وجسمها وراحتها.

هذا ما يصعب تقبله في الوقت الحالي، زمن عمَّ فيه تقسيم الأمومة بين المواد الاصطناعية والعاملات المنزليات والمربيات، والنتيجة أن الأم لم تعد أُمًّا بالمعنى الذي قدمته لنا العصور السابقة، بل قد تتلخص في كثير من الأحيان في الأم التي أنجبت والتي تدفع نقودًا مقابل أن تجعل غيرها يقدم ما كان من المفترض أن تقدمه هي مجانًا..

لا أعلم على من يقع اللوم ومن نعاتب، هل الزمان؟ أم الضمير الذي غاب وفُقِدت معه غريزة الأمومة؟ أم نحتاج إلى أن نراجع أنفسنا وألَّا نتدخل فيما لا يعنينا خاصةً إذا تعلق الموضوع بطفل وصحته.

لا نملك حق تسيير الأمور من حولنا كما نريد، وهذا ما يوجب على الكثيرين ممن يفرضون رأيهم على الأمهات حديثي الولادة أن يحتفظوا بتجاربهم لأنفسهم، فما النفع في أن تحافظ الأم على رشاقة جسمها بعد الولادة ثم تعاني لاحقًا من مشكلات صحية هي وطفلها الذي أُرغم على شرب حليب اصطناعي وغيره من الوصفات الضارة له؟

فليهتم كل منَّا بذاته، وإذا كنت تملك نصيحة فقلها ولكن لا تجعل نفسك أفضل من الطبيب، أو تبحث عن مصلحة الأم على حساب الابن..

من الواجب أن تعامل نعمة الله بما يليق بها، ومن نعم الله أن يرزقك ذرية صالحة طيبة معافاة، كما أن الفطرة هي الأصح والأنقى ولا بد أن تتغلب على كل التدخلات البشرية.