هناك عديد الأسباب التي ساعدت على زيادة الاهتمام بالتعليم الذاتي ما بعد الجائحة. ولعل أبرزها المرونة الزمنية حيث يمكن للمتعلمين تنظيم وقتهم بحسب احتياجاتهم الشخصية، مما يعزز قدرتهم على التعلم في الأوقات التي تناسبهم. كذلك الوصول إلى المحتوى فقد أصبح بإمكان أي شخص الوصول إلى محتوى تعليمي عالي الجودة عبر الإنترنت، سواء كان عبر منصات دورات تعليمية أو فيديوهات تعليمية أو كتب إلكترونية. كما أن من أهم الأسباب، في وجهة نظري، التخصصات المختلفة، فالبعض يرغب بفتح آفاق جديدة والدخول في مجالات مختلفة فيعزز التعليم الذاتي القدرة على اكتساب مهارات جديدة في مجالات متنوعة، خصوصاً تلك التي تتماشى مع سوق العمل اليوم. كما أن استمرارية التعلم والتي لا تقف عند حد أو مجال معين من العوامل والأسباب الرئيسة، فالناس اليوم أكثر اهتمامًا بالتعلم المستمر وتطوير مهاراتهم في مجالات جديدة، لا سيما في ظل التغيرات السريعة في سوق العمل.
في المقابل وبالتوازي مع موجة التعلم السريعة الذاتية ظهر المدعو بالذكاء الاصطناعي بتطوير متسارع وبمخالب وأدوات تزداد حدة ودقة يومًا بعد يوم. هذه المعادلة المعقدة حيث يثير وجود الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول مستقبل الشهادات الأكاديمية ودورها في تقييم المعرفة والقدرة على التفكير النقدي الفعلي، وبخاصة ما يتعلق بالدراسات العليا. الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يساعد في عديد من الجوانب التعليمية، مثل تحليل البيانات، توفير الإجابات على الأسئلة، بل وحتى إنشاء نصوص مكتوبة أو مشاريع أكاديمية، أي وباختصار رسائل الماجستير والدكتوراه بكل تفاصيلها قد تكون معلبة جاهزة بتدخل إنساني محدود. وهذا يثير بعض المخاوف حول مصداقية الشهادات الأكاديمية وحقيقة المعرفة المكتسبة في المستقبل القريب.
فالذكاء الاصطناعي اليوم يغير الطريقة التي نقيم بها التعليم الأكاديمي، وحرف الدال الذي يسبق الأسماء ويهز المجالس والمجتمع ببريستيج البرج العاجي الآن تحت رحمة ذكاء الآلة.