اقتصاديًا اختارت المملكة أن تفتح نوافذها للفرص، فاستنهضت طاقاتها نحو تنويع مصادر الدخل، لم تعد الطبيعة وحدها سيدة المشهد، وإنما صار الإنسان رفيقها وصانع تحولاتها، لتنبثق مدنٌ جديدة من رحم الرمال كنيوم، تنحت أحلامها على ضفاف البحر، وتكتب للعالم فصول المستقبل، واستعادت العلا بهاء التاريخ وروحه، فأصبحت حكاية تستعاد لا أثرًا يروى.
ولم تكتفِ المملكة بإحصاء مواردها، بقدر ما بدأت تنسج اقتصادًا جديدًا بخيوط الابتكار والسياحة والثقافة والصناعة والتقنية، فخلال سنوات قليلة تدفقت المشاريع كالسيل المبارك، وارتفعت المؤشرات الاقتصادية، واشتدت مساهمة القطاعات غير النفطية في بناء الناتج الوطني، لتتحوّل الأرقام إلى قصص نجاح، والموازنات إلى معالم حية تشهد على يقظة العصر.
اجتماعيًا، تبدلت الملامح كما يتبدل وجه الأرض عند أول الغيث، دخلت المرأة السعودية ميادين العمل والفكر والإبداع، تسبق خطواتها صدى الحلم المتحقق، والشباب أولئك الذين ظلوا يحملون آمال المستقبل في حقائبهم، أصبحوا الآن روّاد المشهد، يزرعون المبادرات، ويحصدون الاعتراف.
والطرقات، والجامعات، والمراكز الثقافية والمنتديات وريادة الأعمال كلها كانت مسارح مفتوحة لاستعراض إرادة الحياة.
الرؤية لم تأتِ بأوامر تصدر من فوق، وإنما انسابت إلى النفوس مثل نهر يعيد رسم الملامح، لتخلق ثقافة جديدة مفادها أن الحلم ليس ترفًا، والطموح ليس خيارًا إضافيًا، وإنما ضرورة لكل من يريد أن يكون جزءًا من العالم الآتي.
في هذه الأيام والرؤية في عامها التاسع تبدو المملكة أكثر شبابًا مما كانت عليه يوم ولدت رؤيتها، فالاقتصاد يمضي على طرقات متعددة، والمجتمع يخط سيرته بأيديه، غير عابئ بتصورات الماضي، وتحررت الطاقات، وتضاعفت الفرص، وكأن الأرض قررت أن تفتح كنوزها لمن أدرك قيمة البذل والعطاء.
ما تحقق حتى الآن ليس نهاية الحكاية، وإنما افتتاحية لفصول أكبر، ورؤية السعودية 2030 لم تكن موعدًا محددًا فحسب، وإنما كانت وما تزال قصيدة تكتبها الأجيال على جدار الزمن:
قصيدة عنوانها الشغف، ومتنها الإصرار، وخاتمتها أرض تمشي بثقة نحو أحلامها.