من المتوقع أن يُعرض خلال الأسبوع عددٌ من الروايات والمؤلفات التي أُنتجت في أفريقيا، وكذلك أفلامٌ سينمائيةٌ تعكس تنوعَ القارة الأفريقية، واحتفالاتٌ موسيقيةٌ تؤكد أن الإيقاع الأفريقي ما زال ينبض في قلب الثقافة العالمية.
من جهةٍ أخرى، يُقدَّم الطهي والحرف اليدوية والأزياء والفنون الشعبية كمشروعَات حيةٍ حافظةٍ للهوية، تمنح الشبابَ فرصةَ التواصل مع العالم.
ثقافة أفريقيا السوداء تُشبه نهرًا يجمع روافدَ لا تُحصى: من إيقاعات الطبول في غابات الكونغو، إلى ألوان الأقمشة في أسواق نيجيريا، وحكايات «الجريوت» التي تُنقذ التاريخ من النسيان، هذه الثقافة لم تُخلَق لتُعرض في المتاحف، بل لتحيا بين الناس.
والشباب اليوم يدمجون التراثَ بالحداثة ببراعة، فيُحوِّلون الأغاني التقليدية إلى موسيقى تتصدر العالمية، ويحملون الأزياءَ التراثية إلى منصات الموضة، ويستخدمون السينما لسرد قصصهم بأنفسهم، كطريقةٍ لإعادة تعريف الذات الأفريقية أمام حالة العولمة التي تهدد بابتلاع خصوصيات الشعوب.
كما إن أفريقيا تردُّ بالابتكار، فبينما تختفي لغاتٌ محلية، يظهر شبابٌ يبتكرون تطبيقاتٍ إلكترونيةٍ لتعليمها، وفي الأحياء الفقيرة، يُحوِّل الفنانون الجدرانَ إلى لوحاتَ جرافيتي تَضع بصمتَها الخاصة، حتى الطهي الأفريقي صار وسيلةً للاحتجاج؛ فكل طبقٍ يُقدَّم هو تصحيحٌ لسرديةٍ ظلَّت تُصور أفريقيا قارةٍ بلا ذوقٍ أو تنوع.
ربما التحدي الأكبر اليوم ليس في الحفاظ على الثقافة، بل في كسر احتكار الغرب للحديث باسمها، فالعالم ما زال يجهل آلاف المبدعين الذين يصنعون أفريقيا الحقيقية يوميًّا، الثقافة الأفريقية اليوم لا تحتاج إلى جهود إنقاذ، بل إلى اعترافٍ بأنها شريكٌ متكافئٌ في الحضارة الإنسانية.
اليوم العالمي لأفريقيا ليس يوم أفريقيا وحدها، بل يومٌ لكل مَن يؤمن بأن التنوع ثروةٌ حقيقية، وهنا تقدم القارة السمراء درسًا للعالم بأن الثقافة أقوى وسيلةٍ للتحرر والنمو، وتذكرنا بأن الإنسانية لا تزدهر إلا بتعدد الأصوات.