أعلنت وزارة الصحة مبكراً عن تحديث الاشتراطات الصحية لموسم حج 1446، التي شملت تعزيز مفهوم الاستطاعة الصحية، ذلك المفهوم الديني المهم والمرتبط بفريضة الحج، وكذلك الالتزام بالتحصينات الأساسية، إلى جانب اتباع الإجراءات الوقائية والإرشادات الصحية العامة. وهدفت هذه الاشتراطات إلى تحقيق أعلى درجات الوقاية وضمان الجاهزية الصحية للحجاج والعاملين على خدمتهم في المشاعر المقدسة.
ولتوسيع نطاق التوعية ولتصل الرسائل الصحية المهمة لكل حاج، أطلقت وزارة الصحة الحقيبة الصحية التوعوية بثماني لغات، تضم إرشادات صحية وفيديوهات ومنشورات تعليمية تثقيفية عبر وسائل التواصل المختلفة ومواد قابلة للطباعة. وجاءت هذه الخطوة لتمكين الحجاج من معرفة سبل الوقاية والسلوكيات الصحية السليمة منذ لحظة الاستعداد للحج حتى العودة.
وفي إطار التقدم التقني هذا العام تم توظيف أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي في رصد المؤشرات الحيوية وتقديم الاستشارات الافتراضية، واستخدام تقنيات حديثة مثل أجهزة المراقبة عن بعد، وتقنيات علاج متطورة «ECMO» لعلاج الحالات الحرجة، كما تم ولأول مرة استخدام طائرات الدرونز لإيصال الأدوية في مناطق الازدحام بالمشاعر، مما قلص زمن التوصيل من نحو ساعة إلى أقل من خمس دقائق في مواقع رئيسة داخل عرفات ومنى.
ولتلبية احتياجات الأعداد الكبيرة والمتزايدة دشنت المنظومة الصحية مستشفى طوارئ جديد في منى بسعة 200 سرير بالتعاون مع شركة كدانة. إلى جانب تشغيل ثلاثة مستشفيات ميدانية إضافية بأكثر من 1200 سرير بالشراكة مع وزارات الحرس الوطني والدفاع والداخلية. كما تم نشر 71 نقطة طوارئ وأكثر من 900 سيارة إسعاف و11 طائرة إخلاء وأكثر من 7500 ممارس صحي لتغطية مختلف المواقع داخل المشاعر.
وتميز موسم حج هذا العام بمشاركة غير مسبوقة للقطاع الصحي الخاص الذي أسهم في تشغيل ثلاث مستشفيات كبرى داخل المشاعر المقدسة، مما أسهم في تعزيز الطاقة الاستيعابية وتخفيف الضغط على المرافق الحكومية. عكست هذه الشراكة مستوى التكامل بين القطاعين العام والخاص، وأسهمت في رفع جودة الخدمات المقدمة للحجاج ضمن رؤية صحية موحدة، تهدف إلى تحسين جودة الرعاية الصحية للحجاج.
ولله الحمد نتيجة لكل هذه الجهود الحثيثة والإجراءات المركزة سجلت وزارة الصحة انخفاضاً بنسبة 90 % في عدد حالات الإجهاد الحراري مقارنة بالعام الماضي، وهو ما يعكس فعالية التدخلات الوقائية والتوعوية ودقة الاستعدادات الميدانية.
جهود المملكة في إدارة الصحة خلال موسم حج 1446 مثلت نموذجاً متكاملاً في الرعاية الوقائية والعلاجية، قائماً على الاستفادة من الخبرات التنظيمية التراكمية وتطويرها استباقياً للتعامل مع التحديات الصحية الحديثة وبما يتناسب مع الظروف المتغيرة، إضافة للانفتاح على الشراكات الفعالة واستثمار التقنية الحديثة في مشهد يعكس التزاماً راسخاً وشعوراً عميقاً بأن خدمة ورعاية ضيوف الرحمن شرف تؤديه المملكة بكل حب وجد وإحسان.