لعلنا نعلنها في نهاية موسم صيفي محبط، والشريك الرسمي لإفساد كل صيف في بلادي منذ سنين لا يزال يمارس لعبه بالبيضة والحجر وعقولنا. الخطوط السعودية والتي أجزم أنها لم تضع نفسها في موضع لاتحسد عليه، بل إنها تمارس وضعنا كل عام في مناطق يشوبها الكدر والأرق، فمشكلات الحجز والرحلات تتراكم وتتكرر كل عام وصيف، لتشارك في التهابه وسخونته، فكم من سائح أو مضطر أو راغب في السفر إلى الداخل إلا ويصطدم بعبارة لاتوجد إمكانية للحجز، أوعبارة SOLD OUT في موقعها الإلكتروني من أشهر فائتة خاصةً نحو مدننا السياحية.

نحن أمام مشكلة أزلية تراوح في مكانها دون أن تسعى أو تجتهد "السعودية" في حلها، وجميع ذلك يجرني إلى سؤال أكرره، هل الأرقام المذكورة في تصريحات الخطوط السعودية من زيادة في عدد الرحلات الداخلية المتجهة لمصايفنا كل عام (صحيحة)؟ أم إنها للنشر الإعلامي فقط؟ وهل لدى هؤلاء خبراء في التخطيط حتى يجعلوا نسبة للصيف وظروفه واتجاهاته؟ فمثلا أغلب السعوديين لم يسافر خارجيا هذا العام لظروف المنطقة سياسيا مع حساب نسبتها مع الخطط التي كان عليها أن تضعها مناسبةً في الاعتبار رغم التذمر والشكوى من السائح والمقيم والمواطن.

أما المنعطف الآخر فهو الشريك الثاني هيئة (السياحة) التي نقدر دورها والمعوقات التي تمر بها، وأولها المنعطف الأول سابق الذكر(السعودية) والذي تذمر منها رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الأمير سلطان بن سلمان في عدة مناسبات وتصريحات تلامس هموم سياحتنا، ولكن دعونا ننتقل بكل شفافية إلى عملها، وماذا استفاد السائح السعودي من الهيئة؟ وماذا قدمت له حتى الآن؟ إذا كانت أسعار الفنادق والشقق المفروشة التي أصبحت تحمل مسميات غريبة بدءا من منتجع، أو أجنحة فندقية، وفخمة راقية، رغم محدودية إمكاناتها المتواضعة والتهاب أسعارها دون رقيب أو حسيب في التصنيف أو السعر، فعلى سبيل مضحك، تجد الآن فنادق مدينة الرياض في صيف غابر يتلحفك من أغلظ ماتراه وتعايشه ملتهبا بحرارته كأسعاره محاكاة لعواصم العالم ولاتدري لماذا؟ أما دور(الهيئة) هنا، فكما صرح رئيسها مؤخرا أن دورهم خفض مستوى التصنيف لأكثر من 70% من فنادق المملكة، ولكن ذلك لن يكون سوى بعد منحهم مهلة عامين لتصحيح أوضاعهم.

أما الاستراحات والطرق البرية التي يتنقل بها 92 % "فمكانك راوح" منذ سنين ونحن نسمع من (الهيئة) مشروع إزالتها وتأهيلها، وإنشاء استراحات طرق (نموذجية)، ولم نر شيئا حتى هذا الصيف يعالج مشكلة استراحات الطرق بشكل جذري.

وبجولة سريعة تجد خدمات الطرق البرية تخجل من استراحاتها، وارتفاع في أسعار الفنادق والشقق المفروشة مع خدمات لاترقى بمايدفع ووقت الإنسان ورفاهيته، لذلك من يقول إن السياحة في وطني لم تتقدم خطوة واحدة للأمام أو إنها لا تلبي أبجديات المتطلبات السياحية هو صادق بكل جوارحه ومنطقه ورؤاه، فمعاناتنا هي نفسها منذ الأزل، وشركاء الشكوى وضنك السفر لايزالون دون تحريك قيد أنملة، سوى شنشنة في صحفنا متلحفين البشوت وصورا أنيقة فقط، يتسابقون فيها بالتصريح أن خدماتنا تلبي جميع احتياجات الزوار، مع التأكيد أن مهرجاناتنا التي تقيمها هيئة السياحة بالتعاون مع أمانات المدن تقوم على أكمل وأدق وجه بخدمات استثنائية تقوم على خدمة المواطن من أجل رفاهيته ومتعته.

انعدام التخطيط المسبق، ونقص الخدمات التي لا تلبي رغبات الزائر مع ارتفاع الأسعار في كل اتجاهات المسافر، إضافةً إلى بنى مدننا التحتية، فشوارعها امتداد للفوضى التي تعيشها أمانات المدن وبلدياتها ونقلها، لتجعل الصيف خانقا بازدحام حركة السير وتضخمه.

ولم يبق لنا هنا إلا أن نتساءل إلى متى ونحن كل صيف نشكو ونتذمر ولامجيب؟! رغم امتلاكنا لكل الإمكانات الهائلة، ألا نستطيع خلق مدن سياحية تفوق إمكانات دبي وأكثر؟! مادام الحاضر لايزال بأيدينا، والمستقبل أمامنا، والمال تحتنا، والموارد البشرية، والفكر والإبداع فوق أكتافنا، بل نحن في قارة من الإمكانات. إذاً أين ولم الخلل بربكم؟!