على الرغم من إطلاق «بطاقة المتقاعد» بهدف تقديم مزايا وتخفيضات لكبار السن بعد سنوات من الخدمة، إلا أن هذه البطاقة ما تزال غير مفعلة، وحتى غير معروفة لدى كثير من الجهات التجارية والطبية، كما أنه لا يتم الاعتراف بها في معظم المحلات والمراكز والمستشفيات، ما أثار استياء شريحة واسعة من المتقاعدين الذين يرون أن بطاقاتهم بلا فائدة تُذكر.

تجارب المتقاعدين

يوضح المتقاعد منصور الأحمدي أنه حصل على بطاقة متقاعد، لكنه وجد أن أغلب المحلات التجارية والمستشفيات والمراكز التجارية لا تعترف بها، وقال «أبرزت البطاقة في أكثر من مكان، وكان الرد دائمًا أن المعنيين في تلك الأماكن لا يعرفون عنها».


وأكد أن غياب الترويج للبطاقة من الجهة المُصدرة لها، وعدم إلزام المؤسسات بالاعتراف بها، جعلها مجرّد بطاقة «شكلية» لا قيمة حقيقية لها.

قطعة بلاستيكية

يصف المتقاعد أيمن الزهراني بطاقة المتقاعدين بأنها مجرد قطعة بلاستيك لا تقدم ولا تؤخر، مبينا أنه لم يستفيد منها، وأنه حين يبرزها لأي جهة لا يجد أي اعتراف بها، وقال «لا بد من تفعيل البطاقة عبر شراكات مع التجار والشركات والمؤسسات والمستشفيات، بحيث نستفيد كمتقاعدين من المزايا التي يفترض أن تقدمها البطاقة، وأن يكون هناك نظام يحاسب الجهة التي لا تعترف بها».

وأضاف «للأسف، فقد أصدرت التأمينات الاجتماعية البطاقة، لكنها لم تفعلها بشراكات واسعة وحقيقية مع جهات القطاعين العام والخاص حتى تعترف بها تلك الجهات وتقدم عبرها مزايا للمتقاعدين».

خصومات

من جانبها، رأت المتقاعدة فايزة أحمد أنها حصلت على «بطاقة متقاعد» ولم تكن تعرف في البداية ما الفائدة منها، لكنها بعد البحث وجدت أن تقدم لحاملها خصومات لدى بعض المستشفيات والصيدليات، وكذلك لدى بعض مراكز الترفيه، وقالت «للأسف، كثير من الجهات لا تعترف بهذه البطاقة، مثل المطارات وصالات القطارات، وحينما أبرزها يستغرب كثيرون منها وكأنهم لم يسمعوا عنها مطلقا، ولذا فإنها لا تقبل إلا لدى جهات محدودة وقليلة».

وطالبت التأمينات الاجتماعية بضرورة تكثيف التوعية لإبراز أهمية البطاقة، وأهمية قبولها، حتى تكون لها جدوى وفعالية حقيقية.

غياب الاعتراف

يشدد فهد المطيري على أن المستشفيات الخاصة لا تعترف بالبطاقة، ومثلها كذلك الصيدليات، وقال «يجب أن تكون البطاقة مربوطة بتخفيضات حقيقية وليس مجرد بطاقة لا يستفاد منها».

وأضاف «هناك تجارب كثيرة لدول لديها مثل هذه البطاقات، لكنها تمنح بموجبها خصومات تقديرية حقيقية في كل مكان».

وطالب التأمينات الاجتماعية بالتعاون مع جهات رقابية لإجبار الجهات على قبول بطاقة المتقاعد، وتزويد البطاقة كذلك بخدمات إضافية ومحاسبة من لا يعترف بها من الجهات، وتخصيص خط ساخن لتلقي الشكاوى بهذا الشأن.

بدورها انضمت نورة الزهراني، وهي متقاعدة في التعليم إلى المشتكين من عدم جدوى البطاقة، وقالت «لا مراكز التجميل، ولا الصالونات، ولا الأماكن الترفيهية تعترف بهذه البطاقة، وليس هناك تطبيق يمكن أن نستفيد منه يوضح الجهات المتعاونة بهذا الشأن، أي الجهات التي تقبل هذه البطاقة وتمنحن بموجبها بعض المزايا».

بلا فائدة

يشير المتقاعد أبو حمزة إلى أن البطاقة مدرجة في تطبيق «توكلنا»، لكنه قال «لا تتم الاستفادة منها مطلقا، ومن المفروض أن يكون هناك اتفاقية بين التأمينات الاجتماعية والشركات والمؤسسات والفنادق وغيرها لحاملي بطاقة تقدير، كما يفترض أن يتم تزويد المتقاعد بالجهات التي يستفيد لديها من البطاقة»، موضحا «جميع الجهات التي زرتها لا تقبل البطاقة ولا تعترف بها».

بطاقة شكلية

أبدى الاستشاري الاجتماعي ياسر عبدالخالق تفهمه لشعور كثير من المتقاعدين بالإحباط من بطاقة «المتقاعد»، وذلك لعدم فعاليتها على أرض الواقع، إذ تُمنح لهم دون أن تقابلها خدمات حقيقية أو امتيازات توازي سنوات خدمتهم الطويلة.

وقال «يصف البعض البطاقة بأنها (شكلية) فقط، حيث لا تعترف بها الجهات الحكومية أو الخاصة، ولا تتيح خصومات في المستشفيات أو المراكز التجارية أو حتى في وسائل النقل».

وأوضح «هناك كثير من المتقاعدين الذين يعبرون عن استيائهم بقولهم إن البطاقة يجب أن تكون أداة لتكريمهم وتسهيل حياتهم، لا مجرد ورقة لا قيمة لها. كما يطالبون الجهات المعنية بتفعيلها فعليًا، وربطها بخدمات حقيقية، مثل تخفيضات في العلاج، أو تسهيلات في السكن، أو دعم في احتياجاتهم اليومية».

وأكد أن تجاهل تفعيل البطاقة يُعد تقصيرًا في حق فئة خدمت الوطن لسنوات، ويجب على المؤسسات أن تتعامل مع البطاقة كأداة تقدير وعرفان، لا مجرد إجراء روتيني.

إحباط مفهوم

ترى الأخصائية النفسية مها الأحمدي أن عدم الاعتراف بالبطاقة ينعكس سلبا على تقدير المتقاعدين لذواتهم، ويؤثر على إحساسهم بالقيمة المجتمعية بعد التقاعد، وتقول «ينتظر المتقاعد، وبعد سنوات من العطاء والعمل، أن يُكافأ ولو رمزيًا، وأن يشعر بأن المجتمع يقدّر جهوده، وليس أن يُهمّش أو يُنسى».

وأضافت «هذا التجاهل قد يُولد مشاعر الإحباط والحزن، وأحيانًا الاكتئاب، خصوصًا عندما يجد المتقاعد أن البطاقة التي مُنحت له لا تُقدم له أي امتياز ولا تشكل أي فارق في حياته اليومية، بل تُعامَل كأنها لا وجود لها وكذلك، يؤثر هذا الشعور في ثقة الفرد بنفسه، ويجعله يحس أن مرحلة التقاعد هي نهاية للعطاء والتقدير، بدل أن تكون بداية لحياة جديدة فيها احترام ودعم نفسي واجتماعي».

وختمت «تفعيل البطاقة والاعتراف بها من قِبل الجهات المختلفة لا يخدم فقط الجانب الخدمي، بل له أثر كبير على الصحة النفسية للمتقاعدين، ويعزز شعورهم بأنهم ما زالوا جزءًا مهمًا من المجتمع».