وأوضحت البيانات أن السعودية ستكون إلى جانب عدد من الدول الأخرى، مثل تايلاند والهند، إضافة إلى دول الشرق الأوسط، من بين أكثر الدول تضررًا بارتفاع درجات الحرارة القصوى بحلول الفترة 2080 – 2099.
خريطة المناخ
ترسم خريطة المناخ 2090 ملامح كوكب جديد، بحدود مناخية لا تشبه حدود الجغرافيا، من حرارةٍ تشتد، إلى أمطارٍ تفيض، وجفافٍ يتعمق، حيث سيواجه العالم اختبارًا أكثر جدية في التكيّف والنجاة.
ويبقى المستقبل مرهونًا بقراراتٍ تُتخذ اليوم، قبل أن تُغلق نافذة التكيف تدريجيًا.
وفي ظل تسارع التحولات المناخية وارتفاع وتيرة الكوارث البيئية حول العالم، تُواجه المملكة العربية السعودية كباقي دول العالم تحديًا مناخيًا ذا أبعادٍ اقتصادية واجتماعية معقدة، ولا يقل معدل الخطورة فيها عن باقي الدول، بل قد يتجاوزها في بعض الجوانب.
قيادة عالمية
تؤكد بياناتٌ ودراسةٌ بحثية حديثة صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن منطقة الشرق الأوسط، بما فيها السعودية، تُعد من أكثر المناطق تأثرًا بدرجات الحرارة القصوى، وشح المياه، والتقلبات المناخية.
ومع ذلك، فإن المملكة لم تقف مكتوفة اليدين، ولم تلعب دور المتضرر، بل بادرت بالتحرك في اتجاه القيادة العالمية نحو التكيف المناخي وتقديم الحلول، مستندةً إلى أهداف خفض الانبعاثات بمقدار 278 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030، وسعيها إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060، ما يُشكل نموذجًا إقليميًا للتحول الأخضر.
حرارة تفوق التوقعات
تُظهر بيانات استندت إليها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى إنه إلى جانب كثير من الدول، مثل السعودية وتايلاند والهند ودول الشرق الأوسط، فإن الدول ذات الدخل المنخفض، والمنخفض المتوسط ستكون الأكثر تضررًا، مما يضع المنطقة العربية بأكملها في دائرة الخطر.
في السعودية، حيث تتجاوز درجات الحرارة بالفعل 35 مئوية لأكثر من 100 يوم سنويًا، سيعني هذا التغير المناخي ضغوطًا متزايدة على البنية التحتية، وارتفاعًا في استهلاك الطاقة للتبريد، وانخفاضًا في إنتاجية العاملين، إلى جانب تحدياتٍ صحية واقتصادية جسيمة.
تراجع الثروة الحيوانية
يتعدى تأثير الحرارة الإنسان ليصل إلى الثروة الحيوانية، حيث تُظهر ورقة بحثية استندت إليها المنظمة أن مناطق مثل شمال أفريقيا، وشبه الجزيرة العربية، وأجزاء من آسيا، ستشهد مستوياتٍ مرتفعة من الإجهاد الحراري للحيوانات، ما يُؤدي إلى انخفاض إنتاجيتها وتراجع أمن الغذاء الحيواني.
وفي السعودية، يُعد هذا التهديد مقلقًا بشكلٍ خاص، نظرًا لاعتماد مناطق زراعية واسعة على الثروة الحيوانية كمصدر دخل ومعيشة، ما يُحتّم الاستعانة بالتكنولوجيا لتحسين إدارة المزارع، وتبني ممارسات رعوية تتكيف مع المناخ.
أمطار وفيضانات متطرفة
في الجانب الآخر من التقلبات المناخية، تبرز دول مثل إندونيسيا، الهند، النرويج، كوريا، ونيوزيلندا كأكثر المناطق عرضة لارتفاع عدد الأيام ذات الأمطار الغزيرة، ما يُنذر بمخاطر فيضانات، وانهيارات أرضية، وأضرار مباشرة للبنية التحتية والزراعة.
وعلى الرغم من أن السعودية لا تُصنّف ضمن هذه الدول من حيث الأمطار الغزيرة، إلا أن تغير أنماط الأمطار في المنطقة عمومًا، بما فيها دول البحر المتوسط، يفرض تحدياتٍ على أنظمة التصريف والمياه، ويزيد من صعوبة التنبؤ بالظروف المناخية الموسمية.
جفاف ضارب
تُعد توقعات الجفاف، وفقًا للورقة البحثية، من أكثر عناصر المناخ غموضًا، وذلك بسبب تداخل العوامل الفيزيائية والبيئية.
لكن المؤكد أن دول البحر الأبيض المتوسط وتشيلي ستواجه ظروفًا أكثر جفافًا، بينما تبقى آسيا الوسطى وشمال أفريقيا ضمن مناطق الخطر المرتفع.
في السعودية، تنعكس آثار الجفاف في انخفاض الإنتاج الزراعي بنسبةٍ تتجاوز 6%، وتأثر مصادر المياه الجوفية، مما يدفع الدولة إلى التوسع في مشروعات تحلية المياه، واستثمار مليارات الريالات في تقنيات الزراعة الذكية والمستدامة.
تحوّل أخضر
في مواجهة أزمة مناخية شاملة، لم تكتفِ السعودية بوضع أهداف طموحة، بل تبنّت نهجًا اقتصاديًاً ممنهجًاً يُعيد رسم ملامح مستقبلها البيئي، من خلال إطلاق منظومة تحوّل اقتصادي أخضر تعتمد على الاستثمار، الابتكار، والتشريعات.
وتُشير تقديرات دولية إلى أن المملكة ستحتاج إلى استثمارات تفوق 700 مليار ريال سعودي حتى عام 2030 لتحقيق التزاماتها المناخية، تشمل تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، التوسع في النقل النظيف، والتحول نحو المباني الصديقة للبيئة.
نصف الطاقة
في هذا السياق، أعلنت وزارة الطاقة السعودية عن خطط لتوليد 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول نهاية هذا العقد، مدعومةً بمشروعات ضخمة للطاقة الشمسية والرياح في مناطق مثل الجوف والدوادمي، إلى جانب أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر في العالم، والذي يتم إنشاؤه حاليًا ضمن «مدينة نيوم»، وسيُستخدم لتصدير الوقود النظيف للأسواق العالمية.
من جانب آخر، تُعزز المملكة أدواتها التمويلية لتسريع التحوّل، حيث أطلقت مبادرات للسندات الخضراء، وشجّعت القطاع الخاص على الدخول في سوق الاقتصاد الدائري للكربون، ما يُتيح فرصًا جديدة للشركات الناشئة والمستثمرين، ويُحول التحدي البيئي إلى محرك للنمو.
وبهذا النهج، تُمثّل السعودية نموذجًا عالميًا نادرًا في الربط بين الاستدامة البيئية والاستقرار الاقتصادي، وتُرسّخ مكانتها كدولة نفطية تقود ثورة مناخية، لا تقتصر على خفض الانبعاثات فحسب، بل تشمل بناء اقتصاد قادر على الصمود أمام التغيرات المناخية وتحويلها إلى فرص إستراتيجية.
قيادة مناخية السعودية
بينما يتفاقم التهديد المناخي عالميًا، تتحرك المملكة في الاتجاه المعاكس نحو المواجهة والحل، فقد أعلنت التزامها بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، في خطوة تُعد من الأكبر على مستوى العالم، ضمن مبادرة «السعودية الخضراء»، كما تسعى إلى الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، ما يضعها في موقع الريادة العالمية للمناخ.
وتدعم هذه الرؤية مشروعات طموحة في مجال الطاقة الشمسية، والهيدروجين الأخضر، وإعادة التشجير، ما يجعل من السعودية نموذجًا اقتصاديًا بيئيًا جديدًا، يُوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة.
حلول عالمية
تُبرز الدراسة كذلك أهمية دعم الدول الأقل قدرة على التكيف، إذ تُظهر التوقعات أن التفاوت في توزيع المخاطر المناخية سيزداد، ما بين دولٍ قادرة على التكيف، وأخرى ستُعاني من آثارٍ غير متكافئة.
وتوصي الورقة بضرورة تضمين أصول، مثل البنية التحتية، والصناعة، والغابات، والنظم البيئية الحساسة في تقييمات المخاطر، لتكوين صورة شاملة عن واقع المناخ.
كما تُشدد على ضرورة دمج بُعد «الهشاشة» الاجتماعية والاقتصادية في بناء السياسات المناخية، لضمان توزيعٍ عادلٍ للمساعدات، واستهداف الفئات الأكثر تأثرًا.
- 30 يومًا إضافيًا فوق 35 درجة مئوية بحلول 2099 في المملكة.
- %6 انخفاض في الإنتاج الزراعي في السعودية بسبب الجفاف.
- 278 مليون طن (CO2) تخفضها السعودية بحلول 2030.
- السعودية أكبر مستثمر عالمي في التحلية.
- السعودية تهدف إلى الحياد الكربوني بحلول 2060.
- الثروة الحيوانية تواجه إجهادًا حراريًا متزايدًا يهدد الأمن الغذائي.
- إندونيسيا، الهند، والنرويج بين أكثر الدول تضررًا بالأمطار الغزيرة.
- أمطارٌ غزيرة جدًا تهدد البنية التحتية في كوريا، نيوزيلندا، النرويج، إندونيسيا، الهند.
- تراجع وفرة المياه في المتوسط وتشيلي مع خطر متزايد للجفاف الزراعي.
- الثروة الحيوانية مهددة في المناطق المدارية.
- الدول منخفضة الدخل أكثر هشاشةً وتعرضًا لتغير المناخ.
- تغير المناخ يزعزع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عالميًا.
رؤية المملكة لخفض الانبعاثات الكربونية
- %50 من الطاقة الكهربائية تلتزم المملكة بتوليدها من مصادر متجددة بحلول 2030.
- 6.2 جيجا وات، السعة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة.
- 44.2 جيجاوات، السعة الإجمالية لمشروعات الطاقة المتجددة قيد التطوير.
- 7 ملايين، منزل يمكن تزويدها بالطاقة الكهربائية من خلال مشروعات الطاقة المتجدّدة قيد التطوير.
- 100 -130 جيجا وات، سعة مشروعات الطاقة المتجددة المقرر ترسية عقودها بحلول 2030.