كشفت الأرقام المعلنة لبيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط للربع الأول من عام 2025 عن نمو الناتج المحلي السعودي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.4%، مدفوعًا بارتفاع الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.9%، في تأكيد جديد على أن المملكة لم تعد تعتمد على النفط كمحرك وحيد.

وفي وقت تتقلب فيه أسواق العالم تحت وطأة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، تكتب السعودية فصلًا جديدًا من حكاية نهضتها، بطلها اقتصاد غير نفطي يحقق قفزات نوعية نحو التنويع والاستدامة.

نمو غير نفطي قوي


أوضحت البيانات أن وتيرة النمو السعودي لم تفقد زخمها رغم تراجع محدود في الأنشطة النفطية، إذ تولت القطاعات غير النفطية قيادة الأداء الاقتصادي.

وبرز قطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق كأحد المحركات الأساسية، مسهمًا بنسبة 12.1% في الناتج المحلي الإجمالي، محققًا نموًا سنويًا بلغ 8.4%.

هذا الأداء يعكس متانة الطلب المحلي وارتفاع ثقة المستهلكين، وهو ما دعمته زيادة القروض الاستهلاكية بنسبة 6%، بما يعكس ديناميكية السوق المحلية وحيويتها.

%3.9 نموا متوقعا في 2026

أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي الأخيرة، أن الاقتصاد السعودي شهد في عام 2024 تباطؤًا طفيفًا في النمو الكلي بنسبة 2.0%، نتيجة انخفاض الإنتاج النفطي بنسبة 4.4%، بينما واصل القطاع غير النفطي نموه القوي بنسبة 4.5%، في انعكاس مباشر لنجاح خطط التنويع الاقتصادي.

وتوقع الصندوق أن يتسارع النمو مجددًا في عام 2025 ليصل إلى 3.5%، مدفوعًا بزيادة الإنفاق الرأسمالي وتحفيز الاستثمار المحلي في الاقتصاد غير النفطي، على أن يبلغ 3.9% في 2026، قبل أن يستقر عند مستويات مستدامة تقارب 3.3% على المدى المتوسط.

صناعة تنافس عالميا

لم تعد الصناعة السعودية حبيسة القطاعات المرتبطة بالنفط، بل شهدت الصناعات التحويلية نموًا بارزًا بلغ 5.9% في نهاية مارس 2025، لتصبح ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 16.6%، وبقيمة 198 مليار ريال.

هذا التطور يعكس قدرة المنتجات السعودية على دخول المنافسة العالمية، مدعومة بسياسات تعزيز القيمة المضافة وتنويع الصادرات، إذ ارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 13.4% لتصل إلى 81 مليار ريال، محققة أحد أعلى مستوياتها التاريخية، مما يعزز من حضور المملكة على خريطة التجارة الدولية.

الأعلى في G20

هذه المؤشرات اللافتة لم تمر دون اهتمام عالمي، إذ واصل مؤشر مديري المشتريات (PMI) للقطاع الخاص غير النفطي أداءه القوي مسجلًا 59.0 نقطة في المتوسط خلال الربع الأول، وهو من بين الأعلى في مجموعة العشرين.

ويعكس هذا المؤشر ثقة الشركات في بيئة الأعمال السعودية، بالتزامن مع تدفق الاستثمارات الأجنبية، واستمرار الشركات العالمية في اختيار الرياض مقرًا إقليميًا لها، مما يعزز موقع المملكة كمركز إقليمي جاذب للأعمال والخدمات.

انخفاض معدل البطالة

امتد أثر هذا النمو إلى سوق العمل، حيث انخفض معدل البطالة بين السعوديين إلى مستوى تاريخي بلغ 6.3%، مدفوعًا بزيادة فرص العمل النوعية وتمكين الكوادر الوطنية. وشهدت بطالة الإناث تراجعًا ملحوظًا بلغ 3.6 نقاط مئوية، في حين ارتفع متوسط الأجر الشهري للسعوديين بنسبة 9.4%، مما عزز القوة الشرائية للأسر ورفع من مستوى المعيشة، وأسهم في دعم دورة النمو الاقتصادي الداخلية.

فصل جديد

تعكس هذه الإنجازات ملامح تحول إستراتيجي يقود السعودية نحو اقتصاد متنوع ومستدام، حيث يشكل «الذهب الأخضر» (أي الإنسان السعودي بعزيمته وإبداعه) جوهر هذه النهضة. وبينما يتجه العالم نحو مستقبل غير يقيني، تواصل المملكة رسم ملامح عصر اقتصادي جديد يتجاوز عصر النفط، ويستند إلى أسس صلبة من الإنتاجية، والتنافسية، والانفتاح على العالم.

%3.4 نمو الناتج المحلي الإجمالي

%4.9 نمو الأنشطة غير النفطية

%16.6 مساهمة الصناعات التحويلية

%13.4 نمو الصادرات غير النفطية

%6.3 انخفاض معدل البطالة بين السعوديين