مع بداية العام الدراسي، تتحول متاجر القرطاسية والمكتبات إلى ساحات مزدحمة بالأهالي والطلاب، بحثًا عن «القائمة المدرسية» التي يبدو أنها تطول كل عام. المفاجأة أحيانًا أن ثمن حقيبة المدرسة قد يتجاوز مصروف الشهر كله! لكن هل هذا قدر محتوم ولا بد منه وإلا لن يستطيع الطالب الدراسة؟ الحقيقة هي لا، لأن جزءًا كبيرًا من هذه التكاليف يمكن السيطرة عليه إذا تعاملنا معها بذكاء مالي، بدل أن نستسلم لسباق «المظاهر المدرسية» حتى أنها أصبحت ظاهرة ضرورية بين الطلاب.

ولتفادي هذه الظاهرة والمحافظة على الاتزان المالي لا بد من وجود حوار داخلي بين الأسرة يسعى إلى التفهم والقناعة في أن العلم يأتي بلا مظاهر أو كماليات وإنما بالطموح والسعي وراء تحقيق الأهداف المرجوة، ولا شك أن لكل بداية عام دراسي حاجات أساسية تساعد الطلاب على التعليم، نعم الحاجات الأساسية ليست الكماليات، لذلك علينا كتربويين وآباء ولكل من يهمه الأمر أن يسعى في نشر هذه الثقافة، ومنها ما يلي: أولًا: لا جديد في كل شيء، كثير من الأدوات التي تُشترى كل عام موجودة أساسًا في البيت، دفتر نصف ممتلئ من العام الماضي يمكن استخدامه لمادة أخرى، والمسطرة لا تحتاج لتغيير لأنها ليست موضة موسمية! ثانيًا: ثقافة التبادل؛ في كثير من الدول أصبح الأهالي يتبادلون الكتب والأدوات عبر تطبيقات مجانية أو مجموعات واتساب مدرسية. لماذا لا نحولها إلى عادة في مجتمعنا بدل التكديس؟ ثالثًا: الاستثمار في الجودة لا الماركة حقيبة متينة من علامة تجارية متوسطة الجودة تدوم ثلاث سنوات أفضل بكثير من حقيبة باهظة الثمن تتلف سريعًا. الذكاء هنا ليس في اسم الماركة بل في العمر الافتراضي. وأخيرًا: التربية المالية تبدأ من المدرسة حين يشارك الأبناء في وضع ميزانية للمشتريات، ويتعلمون المفاضلة بين الضروري والكمالي، فهم لا يستعدون للعام الدراسي فقط بل للحياة كلها. العودة إلى المدرسة ليست مجرد مناسبة للتسابق على الإنفاق، بل فرصة حقيقية لتربية جيل كامل على مبادئ الإدارة المالية السليمة. قد يكون الدرس الأهم الذي يتعلمه الطلاب هذا العام ليس في محتويات حقائبهم، وإنما في الكيفية التي اختيرت بها.