إن لم تُدار هذه الفجوة بحوار تربوي هادئ واتفاقات واضحة حول الخصوصية والوقت والمحتوى المسموح، وهنا قد تكون الخوارزميات تُغذي المستخدم بما يطيل مكوثه لا بما يطوّر قيمه لذلك قد يتعرّض المراهقون لمعايير جمالية واستهلاكية مضلِّلة، أو لمحتوى يروّج للتنمّر والسخرية والتمرير اللانهائي والإشعارات المتكرّرة التي تشتت الانتباه وتضعف الحضور الأسري، والجلسات المشتركة الحسية. ويقينا الإفراط قد يرتبط بالقلق وتراجع جودة النوم ومقارنات اجتماعية مرهقة. وفي المقابل يمكن للأهل تحويل المنصّات إلى فرصة تعليمية عبر متابعة قنوات موثوقة، وتعليم الأبناء مهارات التحقق من المحتويات المطروحة بما لا يؤثر فيهم سلبًا ، حتى أن الإفراط بمتابعة المنصات يرتبط بارتفاع مستويات القلق والاكتئاب لدى المراهقين ، إضافة إلى تراجع التحصيل الدراسي واضطرابات النوم، ما جعل كثيرًا من الأخصائيين التربويين يشددون على الحاجة إلى برامج تربية إعلامية تناسب الثقافة المحلية وتعلّم الأبناء التفكير النقدي الصحيح والبناء. وذلك لا ينسف دور المجتمع بالمساهمة بالحد من هذه الظاهرة، لأنه بالأصل مسؤولية مجتمعية، وبالنهاية هي ظاهرة عالمية تتطلب وعيًا جماعيًا لإدارتها. ومنصات التواصل الاجتماعي ليست خيرًا محضًا ولا شرًا مطلقًا، إنّها أداة قوية تتضخّم آثارها بحجم وعي المستخدمين وذكاءه. حين ندير وقتنا وخصوصيتنا ونتبنّى تربية إعلامية ناقدة وصحيحة، نحصل على تواصل أوثق معرفة، وفرص اقتصادية أوسع، وحين نتركه بلا بوصلة ندفع ثمنًا من صحتنا وعلاقاتنا وثقافتنا. الخيار بأيدينا والمسؤولية مشتركة.