في هذه اللحظة، برز الهلال بقراءة مختلفة للمشهد. لم يكتفِ بفكرة أكاديمية واحدة، بل نسج شبكة واسعة تضم تسع عشرة أكاديمية موزعة على مناطق المملكة. خطوة لا تُقرأ فقط كاستثمار رياضي، بل كإستراتيجية ذكية تضمن أن جميع المواهب ستمر عبر البوابة الزرقاء، وتربط الناشئين بالنادي منذ سنواتهم الأولى. الهلال هنا لم يؤسس أكاديميات فحسب، بل أسس قاعدة جماهيرية جديدة تبني الولاء منذ الطفولة، وتُعزز تفوقه المستقبلي.
لكن، وعلى الرغم من هذا الحراك الكبير، يظل هناك ما ينقص المشهد: الجانب التثقيفي. كرة القدم الحديثة لا تُلعب بالأقدام وحدها، بل بالعقول والوعي النفسي والإداري. اللاعب الناشئ يحتاج أن يتعلم كيف يتعامل مع الخسارة بقوة تعامله نفسها مع الفوز، وكيف يقاوم الضغط الجماهيري والإعلامي، وكيف يبني شخصية متوازنة تجعله ناضجًا داخل الملعب وخارجه. الأكاديميات اليوم مطالبة بأن تتحول إلى منصات تعليمية أيضًا، تقدم محاضرات وورشًا تعزز هذا الوعي، لتُخرّج لاعبًا كاملًا لا مجرد موهبة بدنية.
بعد عشر سنوات، ومع استمرار هذا المسار وتكامل الأدوار، سيكون المشهد مختلفًا تمامًا. لن نكون أمام مجرد أجيال تتنافس محليًا، بل أمام جيل احترافي قادر على منافسة مدارس الكرة العالمية. وعندها لن نسأل: هل سنشارك في كأس العالم؟ بل: إلى أي مدى سنتقدّم في كأس العالم؟
الأكاديميات إذًا ليست مشروعًا رياضيًا عابرًا، بل مصانع أبطال وصناعة وعي. هي الجامعات الحقيقية لكرة القدم، والمختبر الذي يحدد ملامح مستقبل الرياضة السعودية. ومن يقرأ المشهد مبكرًا، كما فعل الهلال، سيربح المستقبل قبل صافرة البداية.