وهناك الكاريزما القيادية؛ وتظهر في القدرة على اتخاذ قرار صعب في لحظة صعبة، وهذه إحدى أبرز خصال الأمير محمد بن سلمان: فلديه القدرة على الحسم السريع دون تردد، واتخاذ قرارات مفصلية سياسية واقتصادية واجتماعية، والجرأة في مواجهة الملفات المؤجلة لعقود، وإدارة دولة بحجم قارة، وظهور شخصية قائد يعرف ما يريد، ثم الكاريزما الفكرية والقائد الكاريزمي فكريًا هو من يستطيع تبسيط التعقيدات وتقديم رؤية واضحة ونقل رسالة ذات معنى وطرح أسئلة كبرى عن المستقبل، ولعل أكثر ما يميز الأمير محمد بن سلمان هنا هو قدرته على شرح التحول الوطني بلغة واقعية بعيدة عن الخطاب التقليدي، مع ربط المشاريع بالرؤية الكبرى للدولة، وإذا تكلمنا عن الكاريزما الأخلاقية فهذا النوع يُبنى على مبادئ ثابتة وسلوك منسجم مع القيم، وتظهر في حالة سمو ولي العهد عبر أحاديثه الصريحة وغير المواربة، ورفضه للفساد بكل أشكاله، وتبنيه خطابا يحترم وعي الناس وابتعاده عن التجميل الإعلامي وحرصه اللا متناهي على العدالة والشفافية، وهذه الكاريزما الأخلاقية جعلت المجتمع يثق بأن التحولات ليست شكلية بل جذرية وحقيقية، والقائد الاجتماعي كاريزمي بطبعه لأنه يعرف كيف يكون بين الناس لا فوقهم، والكاريزما الاجتماعية واضحة في شخصية الأمير من خلال لقاءاته مع الشباب وبساطة أسلوبه رغم المكانة، وتفاعله مع المجتمع دون حواجز،
وهذه الكاريزما الاجتماعية لسموه كان لها الأثر البالغ في رفع الروح الوطنية وربط الشعب بقيادته، ولن نبالغ إن قلنا إن بعض القادة يتحولون إلى رموز، ليس بسبب شخصيتهم فقط، بل لأنهم يمثلون هوية جديدة لأوطانهم، وتجلّت هذه الكاريزما الرمزية في الأمير محمد بن سلمان فقد ظهرت من خلاله رمزية (السعودية الجديدة) ورمزية الشباب والتجديد ورمزية الدولة التي تصنع المستقبل ورمزية المرحلة التاريخية الأجرأ منذ تأسيس المملكة، ومن النادر أن يتطابق القائد مع مشروع الدولة، لكن هذا التطابق واضح جدًا في الحالة السعودية، أما الكاريزما العملية وهي التي تُبنى على (النتائج) لا على (الظهور) وفي هذه السمة بالذات يبرز ولي العهد بشكل استثنائي: عبر مشاريع تُعلن وتُنفَّذ، ونتائج تُقاس وتُرى، وأرقام تتحول إلى حقائق، وخطط تنتقل من الورق إلى الواقع، وهذا النوع من الكاريزما هو أساس بناء الثقة الشعبية والعالمية بالسعودية الجديدة، ثم نأتي إلى أعلاها مكانة وتميّزا ألا وهو الكاريزما التحويلية، وهذا النوع هو الأعلى عالميًا، ويظهر عند القادة الذين يغيّرون الواقع وليس فقط يؤثرون فيه، ويتميز صاحبها برؤية مستقبلية واضحة والقدرة على إلهام الشعوب وصناعة التحول الاقتصادي والاجتماعي وتحريك المجتمع نحو مرحلة ورؤية جديدة، ومن أبرز تجلياتها لدى عراب الرؤية إطلاق رؤية 2030 وإعادة تعريف اقتصاد المملكة وإعادة تشكيل الهوية الوطنية ونقل السعودية من مرحلة النفط إلى مرحلة المستقبل.
وهذا هو النوع الذي جعل العالم يعيد تقييم صورة المملكة، ويعاملها كقوة صاعدة لا يمكن تجاهلها... ولكن لماذا تُعد شخصية الأمير محمد بن سلمان مدرسة في الكاريزما؟ لأنها ببساطة تجمع بشكل نادر وغير مسبوق بين الحضور الشخصي والرؤية التحويلية والسمات القيادية والاستثنائية والرمزية الوطنية والإنجاز العملي والعمق الفكري والإبداع في تشكيل مستقبل دولة بحجم قارة، فالكاريزما في معناها الحديث ليست ابتسامة ولا إطلالة إعلامية ولا خطابا منمقا بل القدرة على تحريك شعب، وصناعة اقتصاد، وتغيير صورة وطن، وفتح نوافذ للمستقبل وتأثير إقليمي وعالمي نافذ، لقد حضر ولي العهد بكل قوة وتميّز في المشهد المحلي والإقليمي والعالمي، وتحولت معه السعودية من دولة تفاعلية إلى دولة مُبادِرة ورائدة، وصارت شخصية ولي العهد ذات بعد محوري هام في القرارات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية عالميًا، وصار حضوره مُتصدرًا المشهد ضرورة لا مجاملة، فالعالم الذي اعتاد أن ينظر إلى الشرق الأوسط من زاوية الأزمات، تغيرت هذه النظرة مع وجود الأمير محمد بن سلمان وتغيرت معه قواعد اللعبة... وهذه الكاريزما المتكاملة لسموه، حفظه الله، لم تقف أدوارها على صاحبها بل وظّفت بكل اقتدار لكامل الوطن، فهو لا يستخدم صورته لتضخيم ذاته، بل لتضخيم مكانة السعودية فولي العهد جعل تلك الطاقة الهائلة والكامنة في أبعاد ذاته مرتبطة بجعل السعودية في الصفوف الأولى، ورسم صورتها المُبهرة حاليًا والأكثر إبهارًا في المستقبل بإذن الله تعالى، باختصار: لقد انتقلت الكاريزما مع الأمير محمد بن سلمان من كاريزما الشكل إلى كاريزما الإنجاز والتحوّل، ومن مجرد صفة إلى قوة تغيير، ومن التأثير الخطابي والحضوري إلى التأثير الإستراتيجي، ومن الحضور القوي إلى الرؤية الأقوى، هو لم يُغيّر مفهوم الكاريزما فحسب بل رفع سقفها، وجعلها مرتبطة برؤية، وعمل، وإنجاز، ومكانة وطن، والتحول نحو مستقبل جديد يضع السعودية في مقدمة العالم، إنه بكل فخر المالك الوحيد والحصري (لمدرسة الكاريزما الشاملة).