يؤكد المهتمون بالإعلام أن الحقيقة هي أول ضحايا قنوات تلفزيونية لوثت الفضاء والأرض بأخبار وتقارير وبرامج تفتقد المصداقية والواقعية.

وعملت خلال العقود الثلاثة الماضية على خنق الحقيقة في جميع تغطياتها للحروب والنزاعات، ولا زالت في غيها حتى اليوم، متبعة في ذلك خُطى محطات إذاعية كاذبة مُضلِلة انقرضت منذ سنوات إلى غير رجعة.

وليس مفاجأة حين يقوم بضخ المعلومات في تلك الفضائحيات كل كذاب مؤدلج أطلق على نفسه لقب محلل عسكري، خبير إستراتيجي، مستشار أمني، ليصدروا من خيالاتهم المريضة انتصارات وهمية مدعمة بصور ومقاطع فيديو مزورة، بعيدة عن الواقع المر.


ودأبت تلك الأورام على التشكيك في أصوات الحكمة والعقل، وعملت على النفخ في مليشيات

لا تعني لها الأوطان شيئًا، وتكره الحضارة، الاستقرار، السلام، والنتيجة أن وقع المحذور، ليشهد العالم أكبر مأساة إنسانية في العصر الحديث.

إعلام عاجز ساقط في أخباره وتحليلاته، يستعين بمجموعة من المرجفين الأفاكين الذين لفظتهم أوطانهم، فنراهم يتسولون كل عام مرة أو مرتين أمام

شاشات ومنصات الإفلاس، يحملون تنازلاتهم عن الكرامة، الشرف، الأمانة، وباتت اتجاهاتهم مكشوفة، يرددون عبارات تجاوزها الزمن، ولم يدركوا بغبائهم المتغيرات السياسية السريعة التي يشهدها عالم اليوم.

وقد وصل بهم الحقد إلى الإساءة لبلادنا، و مواقفها المشرفة والمعروفة منذ عقود، وجحدوا كل جسور الخير الخضراء

والأيادي البيضاء.

أولئك المفلسون ومن يشجعونهم، يرتفع ضغطهم، يخرج الرعاف من أنوفهم النتنة، يصيبهم الدوار والتخبط كلما سمعوا وشاهدوا وتحققوا عن معالم النهضة، القوة، احترام العالم، التأثير القوي للمملكة العربية السعودية في المحافل الدولية.

ومن الطبيعي أن رياح الإعلام الرقمي أخذت، تضرب بقوة تلك القنوات، وتُسَرعُ من العد التنازلي لزوالها،

بعد ما أصبحت مثار سخرية المجتمعات العربية، واصبح الناس يطلقون عليها الكاذبة، المزورة، لأنها أسقطت من جميع ساعات بثها الحقيقة، بينما الإعلام الرقمي كشف زيغ تلك القنوات، ونقل من مواقع الأحداث الأخبار لحظة بلحظة بحقائقها.

وقفة.

يرى الأديب و الإعلامي الدكتور وليد مشوح -يرحمه الله - أن أي حديث في الإعلام يتطلب من المرء أن يدير لسانه في فمه جيداً ثم يتكلم، كما قال المثل الفرنسي «أدر لسانك سبع مرات في فمك ثم تكلم».

وقال في مذكرة بعنوان اللغة والعناصر الضرورية للاتصال: يجب أن نعيش -كإعلاميين - حمأة صراع على إثبات

الحقيقة في زحام وسائل الاتصال المتقدمة.