تبدأ أهمية الإجراءات القضائية من اللحظة الأولى لتقديم الدعوى، إذ تعتبر هذه الخطوات الضمانة الأولى لحسن سير العدالة. فوجود قواعد واضحة لرفع الدعوى، وتحديد الاختصاص، وإبلاغ الخصوم، وتقديم الدفوع، وسماع الشهود، وتقديم المستندات، كل ذلك يضمن أن يحظى كل طرف بفرصة عادلة لعرض قضيته. ولأن العدالة لا تقوم فقط على إصدار حكم، بل على الطريقة التي يُتّخذ بها ذلك الحكم، فقد جاءت الأنظمة السعودية لتؤكد على مبدأ علانية الجلسات وحق الدفاع، وهو ما يحافظ على نزاهة القضاء وحياديته.
شهد القضاء السعودي خلال السنوات الأخيرة تحولاً رقمياً واسع النطاق عبر منصة «ناجز» وغيرها من الخدمات الإلكترونية. أصبح رفع الدعاوى، وتقديم المذكرات، وحجز المواعيد، وحتى عقد الجلسات يتم إلكترونياً، مما اختصر الكثير من الوقت والجهد على المتقاضين وساهم في رفع كفاءة المحاكم. هذا التحول الرقمي لم يسرّع الإجراءات فقط، بل عزّز الشفافية كذلك، إذ أصبح كل إجراء موثقاً ومسجلاً، ويمكن الرجوع إليه في أي وقت، مما يقلل من الأخطاء ويعزز ثقة الأفراد في النظام القضائي.
رغم هذا التطور الكبير، لا يزال كثير من أفراد المجتمع يواجهون صعوبات في فهم الإجراءات القضائية، سواء بسبب المصطلحات القانونية أو تداخل الأنظمة. وهنا تأتي أهمية نشر الوعي القانوني، خصوصاً بين الشباب والطلاب، فالإجراءات القضائية ليست حكراً على العاملين في المجال القانوني، بل هي ثقافة عامة يحتاجها كل فرد. إن نشر الوعي بالإجراءات يسهم في حماية الحقوق، ويحد من النزاعات، ويعين الأفراد على اتخاذ خطوات صحيحة عند مواجهة أي مشكلة قانونية.
فهم الإجراءات القضائية ليس مجرد معرفة قانونية، بل هو وعي حقيقي ينعكس على حياة الفرد والمجتمع. ومع التطور السريع الذي تشهده المملكة في مجال العدالة والتحول الرقمي، تبرز الحاجة إلى تعزيز ثقافة القانون، خصوصاً لدى الطلاب والطالبات، فهم جيل المستقبل القادر على المساهمة في بناء مجتمع واعٍ يحفظ حقوقه. لذلك، يبقى الدور المجتمعي والإعلامي مهماً في نشر الوعي القانوني، وتقديم المعلومات بلغة بسيطة وواضحة، بما يخدم رؤية المملكة في مجتمع أكثر وعياً وعدلاً.