يتجه وقف إطلاق النار في غزة إلى مفترق حاسم، حيث تطالب حركة حماس بمزيد من الضغط على إسرائيل قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، بينما تدفع الإدارة الأمريكية عبر خطة ترمب نحو مسار سياسي وأمني واقتصادي شامل، يهدف إلى إعادة تشكيل مستقبل غزة، وإنهاء حكم حماس، ودمج إسرائيل مع دول الجوار. وبين رؤيتين متضاربتين، تتصاعد الاتهامات المتبادلة بشأن تنفيذ المرحلة الأولى، ويتزايد القلق الدولي من أن تعثر الخطوات المقبلة قد يعيد القطاع إلى دائرة الحرب والفوضى بدلا من إعادة الإعمار والاستقرار.

الضغوط المتبادلة

تصاعدت مطالب حماس خلال الأسبوع الجاري، مع تهديد أحد قياداتها بعدم الانتقال إلى المرحلة التالية من وقف إطلاق النار ما لم تُنفذ بنود المرحلة الأولى بالكامل. وتشمل هذه المطالب فتح معبر حدودي رئيسي، وإنهاء الضربات التي تطول المدنيين، والسماح بدخول مزيد من المساعدات. كما دعت الحركة إلى وقف ما وصفته بتدمير المنازل الفلسطينية في مناطق لا تزال تحت سيطرة إسرائيل، بالإضافة إلى تسليم رفات آخر رهينة إسرائيلي محتجز في غزة.


وعلى الرغم من أن إسرائيل أعلنت استعدادها للانتقال إلى المرحلة الثانية الأكثر تعقيدا من الاتفاق، فإنها اتهمت حماس بانتهاك شروط وقف النار، ودافعت عن الضربات التي نفذتها باعتبارها ردا على تهديدات لقواتها. وتؤكد بيانات صحية فلسطينية أن 376 شخصا قتلوا منذ بدء وقف إطلاق النار، بينهم نساء وأطفال، بينما تشير الأمم المتحدة إلى أن حجم المساعدات الواصلة إلى غزة لا يلبي الاحتياجات الإنسانية.

وفي الوقت الذي تتعرض فيه حماس إلى ضغوط إقليمية من أطراف فاعلة، مثل قطر وتركيا، لدفعها نحو الالتزام بالاتفاق، تستعد إسرائيل لإعلان هيئة دولية لإدارة غزة بعد اكتمال المرحلة الأولى، وسط استمرار الخلاف حول طبيعة هذه الهيئة وصلاحياتها.

خطة ترمب

تزامنا مع التوتر في تنفيذ المرحلة الأولى، تكتسب خطة ترمب المكونة من عشرين نقطة زخما دوليا، بعد إقرارها في مجلس الأمن. وتقوم هذه الخطة على انتقال تدريجي من وقف إطلاق النار نحو مسار شامل، يشمل إعادة إعمار غزة، وإنهاء حكم حماس، وتشكيل قوة دولية، وإشراف مجلس دولي على إدارة القطاع، وصولا إلى مسار محتمل نحو دولة فلسطينية.

وتقدم الخطة رؤية طموحة لإعادة بناء غزة منزوعة السلاح تحت إشراف دولي، مع تطبيع واسع بين إسرائيل والعالم العربي. إلا أن الطريق إلى المرحلة الثانية يواجه تعقيدات كبيرة، أبرزها غياب توافق حول نزع السلاح، وعدم وضوح آليات إدارة غزة، واعتراضات فلسطينية على غياب تمثيل سياسي حقيقي لسكان القطاع.

وتبدأ المرحلة الثانية بإعادة تشكيل الإطار الأمني في غزة عبر قوة استقرار دولية، تتولى تدريب قوات الشرطة الفلسطينية، تمهيدا لانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية. غير أن إطار القوة وصلاحياتها لم يُحسما بعد. كما أن دولا مشاركة أبدت مخاوف من الدخول في اشتباكات مباشرة مع حماس في حالة تنفيذ إجراءات نزع السلاح.



إدارة ما بعد الحرب

يتصدر البعد الإداري والاقتصادي المرحلة المقبلة، حيث تنص الخطة على تشكيل مجلس دولي يشرف على لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة شؤون غزة، وتنسيق جهود إعادة الإعمار. وقد تم طرح اسم توني بلير كمرشح محتمل لعضوية المجلس، بينما ينتظر إعلان قائمة الأعضاء خلال أسابيع.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 70 مليار دولار، أي أضخم عملية إعادة إعمار في المنطقة منذ عقود. ومن المتوقع أن تستضيف مصر مؤتمرا للمانحين هذا الشهر، لتنسيق التعهدات الدولية، وسط مخاوف من ضعف القدرة على جمع التمويل مقارنة بحجم الدمار والنزوح.

في المقابل، تشدد حماس على رفضها تسليم سلاحها، معتبرة أن نزع السلاح مشروط بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وأبدى مسؤولون في الحركة استعدادا لخطوات جزئية، مثل تجميد السلاح تحت إشراف دولي، لكن من دون ضمانات واضحة. وترى إسرائيل أن أي تجزئة لملف السلاح تهدد أمنها وتعيد الصراع.

دولة فلسطينية

تربط خطة ترمب مسار إعادة الإعمار بإصلاح شامل للسلطة الفلسطينية، بهدف تمكينها من الحكم في غزة مستقبلا. وقد بدأت السلطة في تنفيذ خطوات إصلاح، شملت ملفات الفساد والنظام التعليمي. لكن رفض إسرائيل الدولة الفلسطينية، واعتراضها على دور السلطة في غزة، يطرحان تساؤلات حول قدرة الخطة على بناء مسار سياسي فعلي.

سيناريوهات الفشل

يرجح بأن تبقى غزة في حالة فراغ إداري إذا تعثرت المرحلة الثانية، مع استمرار سيطرة حماس على مناطق محددة، وبقاء الاحتلال الإسرائيلي، وتوسع الأزمة الإنسانية مع اعتماد السكان على المساعدات. كما أن غياب المسار السياسي يعني انهيار الدعم الشعبي لأي إدارة جديدة، وتعقيد قدرة الأطراف الدولية على حماية وقف النار.

العناصر الرئيسية

ترتكز خطة ترمب لوقف إطلاق النار وإعادة تشكيل الوضع في غزة على حزمة من التدابير السياسية والأمنية والإدارية، تهدف إلى نقل القطاع تدريجيًا من حكم حماس إلى إدارة دولية تقودها قوة متعددة الأطراف. وتشمل الخطة تشكيل قوة دولية لاستقرار غزة، وتولي مهام الأمن الأولية، إلى جانب إنشاء مجلس دولي يدير القطاع، ويراقب لجنة تكنوقراطية فلسطينية تشرف على الشؤون اليومية. وتطرح الخطة إعادة إعمار واسعة بتمويل دولي، مع نظام لنزع السلاح تحت رقابة دولية، يقابله انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية وفق معايير أمنية متفق عليها. كما تتضمن إصلاح السلطة الفلسطينية، وفتح مسار نحو دولة فلسطينية، مع دعم تطبيع العلاقات الإسرائيلية العربية. وتخضع المنظومة الأمنية لإشراف دولي مباشر، لضمان الاستقرار، بالإضافة إلى عقد مؤتمر مانحين دولي من أجل تأمين تمويل إعادة الإعمار.

نقاط الخلاف

يشكل نزع السلاح الفوري مقابل الحل التدريجي أبرز نقاط الخلاف، بالإضافة إلى طبيعة مجلس إدارة غزة وصلاحياته، ودور السلطة الفلسطينية بعد الحرب. كذلك الجدول الزمني للانسحاب الإسرائيلي، ومستقبل حماس السياسي والعسكري، ويوجد خلاف أيضا على ضمانات الأمن لإسرائيل، وتمثيل الفلسطينيين في الإدارة الجديدة، وتمويل إعادة الإعمار وحجمه، وحدود القوة الدولية وصلاحياتها، وفتح المعابر والمساعدات الإنسانية.



أبرز مطالب حماس

تنفيذ كامل لبنود المرحلة الأولى

فتح معبر حدودي رئيسي

وقف الضربات الإسرائيلية

زيادة المساعدات الإنسانية

وقف هدم المنازل الفلسطينية

ضمانات بعدم تقليص نفوذها الأمني

آلية رقابة على تنفيذ الاتفاق