ودخلت قوات المجلس الانتقالي الجنوبي منذ مطلع الشهر إلى مناطق رئيسية في حضرموت، واستولت على مواقع نفطية إستراتيجية بينها أكبر منشأة لإنتاج النفط في اليمن. وامتد التحرك لاحقًا باتجاه محافظة المهرة على الحدود مع سلطنة عمان، حيث سيطرت القوات على معبر حدودي مهم، في خطوة قلبت موازين القوى داخل المحافظات الجنوبية.
وأجج هذا التوسع العسكري توترًا غير مسبوق داخل المعسكر المناهض للحوثيين، بعدما باتت القوات الحكومية المدعومة بتحالف قبلي محلي تواجه فصيلًا حليفًا سابقًا داخل الجغرافيا نفسها، في صراع يهدد بخلق خطوط مواجهة جديدة داخل الجنوب نفسه.
موقف سعودي
وتابعت المملكة العربية السعودية التطورات الأخيرة بقلق واضح، وأعلنت رفضها لأي إجراءات أحادية من شأنها زعزعة الاستقرار وإضعاف سلطة الحكومة اليمنية في المحافظات الجنوبية. وجاءت الرسالة السعودية لتؤكد تمسكها بضرورة إعادة الوضع في حضرموت والمهرة إلى ما كان عليه قبل التصعيد، وخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي من المناطق التي سيطرت عليها.
وأرسلت المملكة وفداً رسميًا إلى حضرموت للقاء القيادات السياسية والقبلية في محاولة لتهدئة الوضع، وإعادة فتح مسار الحوار للحد من مخاطر التصعيد العسكري.
مسار دبلوماسي
وينسجم التحرك السعودي مع رؤية أوسع تهدف إلى حماية فرص السلام في اليمن وتجنب انزلاق الأوضاع نحو صراع جديد داخل الجنوب. وتضع المملكة أولوية واضحة لخفض التوتر عبر الحوار، وتوجيه الجهود نحو تحسين الأوضاع الاقتصادية والخدمية بدلاً من فتح جبهات استنزاف تعمّق المعاناة الإنسانية وتعرقل أي حل سياسي.
مخاوف الانتهاكات
وترافقت السيطرة العسكرية للمجلس الانتقالي في حضرموت مع اتهامات بارتكاب تجاوزات ضد مدنيين وعسكريين، شملت الاعتقال القسري، ومصادرة الممتلكات، وفرض قيود مشددة على الحركة داخل المناطق الخاضعة لسيطرته. وتثير هذه المزاعم مخاوف من تصاعد الانتهاكات في ظل غياب سلطة قانونية مستقرة في المواقع التي شهدت تغييرًا بالقوة.
ويحذر مسؤولون يمنيون من أن استمرار المواجهات داخل الجنوب سيقود إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، ويضاعف الضغط على الحكومة في معالجة الملفات الاقتصادية والخدمية العاجلة.وتشير التطورات الأخيرة إلى أن مستقبل اليمن مرهون بقدرة الأطراف على العودة إلى طاولة الحوار، والعمل تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي، وإعلاء المصلحة الوطنية على الحسابات العسكرية الضيقة.