عرض رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس، مبادرة سلام شاملة أمام مجلس الأمن الدولي، تهدف إلى إنهاء الحرب الدائرة في البلاد منذ قرابة ألف يوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، في وقت دعت فيه الولايات المتحدة الطرفين إلى القبول الفوري بهدنة إنسانية دون شروط مسبقة.

وقال إدريس، الذي يترأس الحكومة المدنية الانتقالية، إن المبادرة المقترحة تقوم على وقف إطلاق نار تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، إلى جانب انسحاب قوات الدعم السريع من جميع المناطق التي تسيطر عليها، وتجميعها في معسكرات خاضعة للرقابة الدولية، تمهيداً لنزع سلاحها.

جذور الصراع


وانزلق السودان إلى نزاع مفتوح في أبريل 2023، عقب تصاعد الخلاف على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع أدى إلى مواجهات عسكرية واسعة النطاق. وأسفر القتال عن عمليات قتل جماعي، واغتصاب منظم، وأعمال عنف ذات طابع عرقي، لا سيما في إقليم دارفور، وهو ما صنفته الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

ويُنظر إلى الصراع باعتباره أحد أعنف النزاعات في المنطقة، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، وتعطل مسار الانتقال المدني الذي أعقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

شكوك القبول

وبدت فرص قبول قوات الدعم السريع لمبادرة رئيس الوزراء محدودة، إذ يرى مراقبون أن الخطة تمنح الجيش السوداني تفوقاً سياسياً وعسكرياً واضحاً، وتؤدي عملياً إلى تجريد القوات شبه العسكرية من نفوذها وسلاحها.

وفي إشارة غير مباشرة إلى المبادرة التي تدعمها الولايات المتحدة وشركاؤها الإقليميون في ما يُعرف بالتحالف الرباعي الذي يضم السعودية ومصر والإمارات، شدد إدريس أمام مجلس الأمن على أن مقترحه «محلي الصنع وليس مفروضاً من الخارج»، في تأكيد على استقلالية الطرح الحكومي.

الهدنة الإنسانية

وفي أوائل نوفمبر، أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على هدنة إنسانية، غير أن الجيش السوداني ربط قبوله لأي وقف مؤقت لإطلاق النار بانسحاب كامل لقوات الدعم السريع من المناطق المدنية وتسليم أسلحتها، وهي الشروط ذاتها التي تضمنتها مبادرة إدريس.

وأكد رئيس الوزراء أن أي هدنة لا تتضمن تجميع القوات شبه العسكرية في معسكرات خاضعة للإشراف الدولي «لن تكون لها فرصة للنجاح»، داعياً أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر إلى دعم خطته باعتبارها المسار الأكثر واقعية لوقف الحرب.

وقال إدريس مخاطباً المجلس إن المبادرة قد تشكل لحظة يتراجع فيها السودان عن حافة الانهيار، داعياً المجتمع الدولي إلى أن يكون شريكاً في التعافي لا مجرد شاهد على التفكك.



وقف فوري

ومن جانبه، قال نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، جيفري بارتوس، إن إدارة ترمب عرضت هدنة إنسانية باعتبارها خطوة عملية لخفض التصعيد، وحثت الطرفين المتحاربين على قبولها فوراً ودون شروط مسبقة.

وأضاف بارتوس أن واشنطن تدين بشدة العنف المروع في دارفور وكردفان، مشيراً إلى أن الانتهاكات ارتكبت من قبل كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مؤكداً ضرورة محاسبة المسؤولين عنها.

التحركات الأحادية

وأكد سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، محمد أبو شهاب، بصفته عضواً في مجموعة الحوار الرباعي، أن هناك فرصة فورية لتطبيق الهدنة الإنسانية وإيصال المساعدات إلى المدنيين الذين يواجهون أوضاعاً كارثية.

وحذر أبو شهاب من أن أي جهود أحادية من جانب أحد الطرفين لن تؤدي سوى إلى إطالة أمد الحرب، مشدداً على أن الهدنة الإنسانية يجب أن تكون مدخلاً لوقف دائم لإطلاق النار، ومسار سياسي يؤدي إلى حكم مدني مستقل عن الأطراف المتحاربة.

قلق أممي

وأعرب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، خالد خياري، عن قلق متزايد داخل مجلس الأمن إزاء استمرار الحرب، مشيراً إلى أن النزاع يتغذى على تدفق الأسلحة المتطورة. كما وجه انتقادات مباشرة لكل من الجيش وقوات الدعم السريع لرفضهما تقديم تنازلات حقيقية أو خفض التصعيد.

وقال إن الأطراف المتحاربة تمكنت من وقف القتال عندما تعلق الأمر بعائدات النفط، لكنها فشلت في اتخاذ خطوات مماثلة لحماية المدنيين، داعياً داعمي الجانبين إلى استخدام نفوذهم لوقف المذبحة لا لتوسيعها.



• طرح مبادرة سلام سودانية تحت إشراف أممي وإقليمي

• دعوة أمريكية لهدنة إنسانية فورية دون شروط

• انقسام حول جدوى الهدنة دون نزع سلاح الدعم السريع

• تحذيرات دولية من التحركات الأحادية