"نتقابل بعد الصرفة إن كنت رجّال" عبارة يطلقها بعض طلاب المدارس عند وقوع مشاحنة أو سوء تفاهم بينهم داخل أروقة الفصول، وحتى الطالبات يصبح فناء المدرسة في بعض الأحيان محلا للعراك بينهن بعد نهاية الدوام المدرسي، بينما تشهد الساحات المحيطة بمدارس البنين أحياناً مضاربات بين الطلاب وبعض الأقارب تنتهي بتدخل المعلمين أو بعض الطلاب، وقد تصل إلى الشرطة.

وفي الوقت الذي حذر فيه اختصاصيون من تحول الأبناء إلى السلوك العدواني، يؤيد بعض الآباء ذلك، ويعتبرونه نوعاً من الشجاعة، وأخذ الحق باليد.

تقول مديرة الروضة العاشرة وجنات حسين الشريف إن المضاربات التي تحدث بين الطالبات لها أسباب كثيرة، منها الغيرة بين طالبة وزميله لها متفوقة بدراستها، وتشيد بها المعلمات، كما أن بعض الطالبات الجميلات ذات المظهر والهندام تدور حولهن المشاكل من قبل طالبات أقل منهن جمالاً وثقافة.

وبينت أن المناوشات بين الطالبات قد تقتصر على المشادات الكلامية، وقد تصل إلى مسك الشعر والضرب البسيط ، فيما سجلت حالة واحدة لطالبة أحضرت قطعاً من الزجاج داخل جوربها لتهديد زميلة لها بتشويه وجهها، وذلك إثر خلاف حدث بينهما.

وأكدت وجنات على دور المرشدة الطلابية الكبير في تهدئة النفوس بين الطالبات، مشيرة إلى أن المشاحنات في الغالب تنتهي في وقتها، وفي بعض الأحيان ينقل الآباء بناتهن من المدرسة خوفاً من وقوع مشاكل مستقبلية.

ويصف الطالب يزيد الجهني أنه خلال وجوده في المدرسة يشاهد بشكل يومي مضاربات بين الطلاب تبدأ داخل فناء المدرسة، ثم تتحول إلى المواعدة للقاء مرتقب خارج أسوار المدرسة بعد نهاية الدراسة للعراك.

وأضاف أن بعض الطلاب يستعينون بما يطلق عليهم "الفزاعين" الذين يحضرون للضرب بالحجر أو العصي، وذلك للصداقة أو صلة القرابة التي تجمعهم ببعض الطلاب، مؤكداً أنه شاهد ذات يوم مضاربة حامية الوطيس بين بعض الطلاب انتهت بحضور الشرطة.

وتقول الطالبة بالصف الثالث ثانوي نوف أن المضاربات بين الطالبات أصبحت عادية وتتم بشكل يومي، حيث إن بعض الطالبات لديهن "قروب" يريد السيطرة على المدرسة، وذلك بالتكتل مع بعضهن البعض، وتكون لهن قائدة، كل ما تأمر به ينفذ.

وأشارت نوف إلى أن أغلب الطالبات يتحاشين الخلاف مع تلك المجموعات، ومع ذلك تحدث المشاكل، مشيرة إلى أن المشاغبات يحاولن إشغال الآخرين بسبب تدني مستوياتهن الدراسية.

وترى الاختصاصية الاجتماعية بجامعة طيبة أمل عياد الجهني أن السلوك العدواني لدى طلبة المدارس أصبح حقيقة واقعية موجودة في معظم دول العالم، وهو يشغل كافة العاملين في ميدان التربية.

وقالت "تختلف أسباب السلوك العدواني فقد تكون بيئية، أو اجتماعية، أو أسرية، ومن الأسباب التي تقف خلف العنف في المدارس، تهاون الوالدين بالسلوك العدواني الصادر من الابن، حيث يؤيد بعض الآباء ذلك، ويعتبرونه نوعاً من الشجاعة وأخذ الحق باليد".

وأرجعت أمل السبب إلى عدم تفعيل دور الإرشاد الطلابي في بعض المدارس، وتحميل المرشد بعض الأعباء التي قد تصرفه في كثير من الأحيان عن المتابعة الجادة لحالات الطلاب، مما يؤدي إلى التغاضي عن بعض السلوكيات العنيفة الصادرة من بعضهم، حتى تتفاقم الحالة".

وأشارت إلى أن "طبيعة المجتمع تتحمل جزءاً من المسؤولية، حيث تجعل من الصعب التواصل مع الأهل في كثير من الأحيان، للتعرف على المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الطالب أو الطالبة في المنزل، والتي قد تدفعه للسلوك العدواني".

وبينت الاختصاصية الاجتماعية أنه "مهما كانت الأسباب الدافعة للسلوك العدواني يجب عدم التهاون بمثل هذه السلوكيات، والحذر من تركها لتزول بشكل تلقائي، لأن مثل هذه المشكلة لن تحل نفسها بنفسها" ودعت إلى دراسة سلوك الطالب العدواني وأسبابه، وعدم التهاون في إيقاع العقوبة عليه في حال استحقاقه لها.

وطالبت المؤسسة التعليمية بالحرص على توفير بيئة مدرسية مريحة بعيدة عن العنف، وتحاشي استعمال الكلمات والتصرفات المحبطة للطلاب، كما يجب إشراك الطلاب في الأنشطة المختلفة التي تناسب اهتماماتهم لامتصاص طاقاتهم، وجعل المدرسة مكاناً محبباً لهم. ودعت إلى تنفيذ جلسات مصارحة ونقاش ودية بين الطلاب وإدارات المدارس، تدار من قبل شخصيات تربوية واعية، وبأسلوب ودي متفهم ، وذلك لتلمس حاجات الطلاب ومشكلاتهم، والعمل على حلها بشكل جدي، وتجنب وضع قيود غير مبررة على الطلاب في مرحلة المراهقة، واللجوء إلى شرح الأسباب في حال فرض نظام معين، لأن الطلاب في هذه السن يكرهون السلطة، من هنا يجب أن يشعرهم المجتمع أن القواعد لم توضع إلى لصالحهم.