في زمن مضى بدأ شباب سعوديون في تقديم مشاهد ساخرة في القناة السعودية، وكان الجميع يحب متابعتها والضحك مما يتم تقديمه، لكن كأنما أصابت تلك المجموعة لوثة الرغبة في الإضحاك بأي ثمن وبأي طريقة، فصرنا نشاهد تعدياً حقيقياً على تقاليدنا وعاداتنا، وتشويهاً متعمداً لصورة مجتمعنا!
لسنوات استمروا على هذا المنوال لأنه كان هناك من يدعم هؤلاء دون أن يتحمل مسؤولية توجيههم لتقديم إبداع ناقد وبنّاء وهادف قادر على التغيير وليس فقط "الكركرة".
أقول: إن هؤلاء سوقوا للاستهبال حتى نشأ كثير من الشباب عليه، فصرنا نشاهد تصرفات غريبة من بعض الطلاب في المدارس تدل على عدم الجدية، وتبدأ وتنتهي بوقاحة في السلوك والقول!
هذا العام بدا للكثيرين أن الكوميديا السعودية استيقظ القائمون عليها لدفعها لمعالجة هموم الناس، فشاهدنا حلقات جريئة ومميزة من مسلسل "كلام الناس"، ولإحدى حلقاته مقال قادم إن شاء الله.
لكن الاستهبال أبى إلا أن يتسلل إلينا عبر قنوات فضائية أخرى، وإن كان بأيدٍ سعودية، ولقد هالني حقاً ما وصل له التجرؤ على إضحاكنا على ما هو مصدر عزة وفخر لنا، ففي حلقة برنامج "واي فاي" في قناة MBC شاهدنا ممثلاً يرتدي ما يشبه البدلة العسكرية لضباط قطاع من أهم قطاعات وطننا العسكرية في موقف اعتدنا أن يكون في احتفالية يقدم فيها الشاعر الضابط قصيدة في حب الوطن والاعتزاز به والاستبسال في الدفاع عنه، وليس الاستهبال بتقديم أغاني أليسا ونانسي عجرم!
في كل العالم تتم حماية البدلة العسكرية وتُحفظ من التقديم بمنظر الساخر، وتقوم الدنيا ولا تقعد عندما يُسخر من القطاع العسكري أو بأي شيء متعلق به ويدل عليه؛ لأن مكانتهم الحامية للوطن بعد الله تستلزم أن يكون منظرها هيبة لا نكتة.
البعض يردد أن المقصود الشاعر، الذي نتفق جميعاً على إبداعه وشاعريته، لكن هؤلاء يتدخلون في نواياه، ولو بدأنا نتبع مثل هذه الظنون سنقيم قريباً محاكم للتفتيش على النوايا تتابع الجميع بدءاً من الفنانين وكتّاب المقالات وانتهاءً بأئمة المساجد!
إن ما قدم - ولا شك - خالٍ من الاحترام والمسؤولية، ويدل دلالة واضحة على الإفلاس الذي يعانيه البرنامج؛ بعد أن تعدى على لحظات وطنية لا تنساها ذاكرتنا أبداً.