لم يشفع له سهره، ولا حرصه على إيقاظ المؤمنين لتناول السحور. وجد نفسه هدفا لمن هم مع هذا الجانب، أو ذاك من الأزمة السورية، في بؤرة كانت دائما مستعدة للاشتعال.
في غياب أدنى مقومات الحياة في منطقة لا تزال موشومة بآثار الحرب الأهلية اللبنانية، أخذ على عاتقه أن يوقظ المؤمنين، مستخدما طبلته وصوته الشجي "يا نايم وحّد الدايم". ولكن الرصاصات كانت أسرع لتصيبه، ولتعيد ذكريات حرب لم تنته بين باب التبانة وبعل محسن، الحيين المتلاصقين اللذين يجمعهما الفقر وتفرقهما السياسة.
أصيب المسحراتي برصاصات مجهولة، ولكن الفاعل كان يرمي إلى إيقاظ الفتنة، فيما كان هو يسعى إلى إيقاظ النائمين لتناول السحور.
إنها الدوامة التي يعيشها شعب لبنان، وحالة الانقسام التي لا نهاية لها بين مؤيد للثورة في سورية ومناهض لها وبالتالي مؤيد للنظام.
مرت الأزمة، ولكن نارها ما زالت تحت الرماد، تنبعث بإرادة خارجية، ولكن بأياد محلية.
وكما انقسم أبناء باب التبانة وبعل محسن حول المسحراتي، وأطلقت النار عليه، انقسم اللبنانيون حول الموقف من الانتهاكات السورية للأراضي اللبنانية، واصطفوا بين "مؤيد" و"معارض"، وفي ذهن كل طرف، وجعبته، مواد تخوينية للطرف الآخر.
لا أحد يريد قيام الدولة، لأن بقيامها، تثبيتا للسيادة، وكل طرف لا يريدها.
بات لبنان ساحة للمتحاربين في سورية، من نظام ومعارضة، وكل يراهن على انتصار فريقه، في حلبة؛ اللاعبون فيها غير مرئيين.