مؤمنون بقضاء الله وقدره..ونثق أن لكل كتاب أجلا..
لكننا نشعر بحجم الخسارة والفراغ الذي يخلفه رحيل الأمير محمد العبدالله الفيصل..
لايبدو الفارق سوى ساعات قليلة بين رحيل هامتين رياضيتين كبيرتين، ولذا تبدو خسارة الرياضة السعودية كبيرة، وهي تودع الراحل الكبير، رئيس النادي الأهلي الأسبق الأمير محمد العبدالله الفيصل، ومؤسس الهلال ورئيسه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد.
هناك صفحات لايطويها حتى الموت، إحدى تلك الصفحات خطها أبو تركي بفكر ثري بالغ التطور، سابق للوقت، لم تكن رئاسة النادي الأهلي هي إبداعه الأوحد، وقصيدته الأجمل، بل امتد ذلك ليترك ثراء باذخاً في دورة الصداقة الدولية على كأس الأمير عبدالله الفيصل، وهي الدورة التي استحوذت على الاهتمام، ووضعت منطقة عسير في قلب الحدث رياضياً، ونجحت في نيل الاعتراف من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) الذي نظر إليها بكثير من التقدير والإعجاب.
عرفت الأمير الراحل خلال تلك الدورات.. التقيته خلالها كثيراً، كانت الأمسيات البعيدة عن الرسمية تأتي حبلى بالأفكار، والرؤى، وكان يقدم كل يوم نموذجاً لرؤية بعيدة تستحق التقدير والثناء.
على هامش دورات الصداقة كان الأمير الراحل يستقبل بعضاً من رجالات الرياضة في العالم، كانوا بين المدعوين لحضور جانب من منافسات الدورة، وكان يبدو متبرماً حينما يفوّت بعض الإعلاميين تلك الفرص فيطرحون أسئلة ساذجة، فيما كانت عيناه تلمعان تقديراً للسؤال اللماح والمعلومة الدقيقة.
وعلى هامش تلك الدورة، أقيمت ندوات عدة تشعبت بين الإعلام والاحتراف والطب الرياضي، وكان يحرص على حضور معظم جلساتها، كان يتداخل ليعمق الفائدة، ويقدم خلاصات تجاربه، خصوصاً أنه كان يشرف لفترة على الفريق الكروي الأول في النادي مما وضعه على الدوام على احتكاك مع اللوائح، والأنظمة، والتعديلات. وللأمير الراحل ذكريات يحفظها الأهلاويون.. يختلف بعضهم عليها، لكنهم يجمعون على أنه خدم الأهلي، وقدم له خلاصة الجهد، وعصارة التجربة، ويتداولون في أحاديث خاصة كيف نجح في أن يحضر قرعة لتحديد مباراة نهائية كان الأهلي طرفها، وكيف حسمت حنكته ما يحلو للأهلاويين أن يسموه تلاعباً في طريقة إجراء تلك القرعة، بحيث ظفر الأهلي، ولأول مرة، بخوض النهائي في عرينه في جدة. رحم الله الأمير محمد العبدالله الفيصل، وعوّض الرياضة السعودية برجال أفذاذ يقدمون لها ما تستحق من العطاء.