يعيش جميع سكان المملكة معاناة الإدارة المركزية وما تسببه من بطء في إتمام المعاملات الحكومية، وكذلك زحام شديد في الطرقات وأيضا هجرة متزايدة من القرى والمحافظات إلى المدن الكبرى. وبالتالي زيادة الكثافة السكانية بشكل سريع وهجر القرى والمحافظات التي من الممكن أن تكون مهجورة بعد فترة قصيرة من الزمن؛ فمثلا مدينة الرياض العاصمة تحظى بجميع مقرات الدوائر الحكومية الرئيسية تقريبا والمستشفيات المتخصصة وحتى بعض المقرات الرئيسية للشركات؛ فجميع سكان المناطق في كثير من المعاملات الحكومية أو الدراسية أو في الخدمات الطبية يضطرون للذهاب إلى الرياض بشكل مستمر، والبعض يلجأ إلى الانتقال إليها، وهذا ما أظهرته آخر إحصائية للتعداد بأن نحو خمسة ملايين مواطن ومقيم يعيشون بها.
من المفترض من وزارة التخطيط الأخذ وبجدية في تغيير منهجية الإدارة المركزية على مستوى المملكة أولا. وبعد ذلك على مستوى المدن الكبرى ثانيا. فتغير سياسة الإدارة المركزية في المناطق إلى إدارة غير مركزية سوف يحد بشكل كبير من الهجرة المتزايدة إلى المدن وكذلك سوف يكون دافعا لبعض الأشخاص إلى الهجرة العكسية أي من المدن إلى المحافظات أو القرى لمن يرغبون في حياة أكثر هدوءا واقل تكلفة مالية وكذلك أقل زحاما. وتغير الإدارة المركزية داخل المدينة سوف يقلل من حجم الزحام في المدينة وأقصد بذلك الزحام المروري حيث إن الوقت الراهن أغلب الوزارات في منطقة واحدة مما يجعل الجميع يتهافت على هذه المنطقة من جميع أرجاء المدينة مما يسبب زحاما خانقا في فترة الصباح وأيضا وجود ازدحام مراجعين في هذه الوزارات مما يبطئ العمل. فمثلا إيجاد فروع في الأحياء مقسمة حسب الكثافة السكانية والمساحة سوف يحد من هذا الزحام وسوف يزيد من الإنتاجية والإنجاز لأن سكان هذه الأحياء من موظفين ومراجعين سوف يلجؤون إلى مراجعتها بدلا من الوزارة الرئيسية. والموظفون سوف يعملون جاهدين للانتقال إلى أقرب فرع من حيث مساكنهم لتوفير الوقت والجهد في الذهاب إلى العمل كل صباح. وفي الحقيقة توفير فروع على مستوى المملكة والمناطق لا يحتاج إلى الكثير من العمل، إنما يحتاج إلى عمل متقن في التخطيط والإدارة وتصور للمستقبل وحجم الزيادة السكانية. والظروف في الوقت الراهن مناسبة للتطبيق في ظل توفر خدمة الإنترنت والاتجاه إلى الحكومة الإلكترونية وكذلك إلى زيادة مستخدمي الإنترنت في المملكة وكذلك زيادة الإنفاق الحكومي.